ثبّت القضاء الغيني السبت فوز الرئيس ألفا كوندي (82 عاما) بولاية ثالثة على التوالي، بعد أشهر من الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين. ورفضت المحكمة الدستورية طعون المنافس الرئيسي لكوندي، سيلو دالان ديالو، وثلاثة مرشحين آخرين من أصل 12 مرشحاً للانتخابات الرئاسية التي أقيمت في 18 أكتوبر؛ وصادقت على النتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات الوطنية، مؤكدة فوز كوندي من الجولة الأولى. وأشارت المحكمة إلى "نزاهة" الانتخابات، وأكدت أنّ كوندي "حصل على مليونين و438 ألفا و815 صوتا، ما يعني نسبة 59.50%، حاصداً الغالبية المطلقة"، وفق ما قال رئيسها محمد لمين بنغورا، في كلمة رسمية. وحصل ديالو على نسبة 33.5%، حسب الأرقام الرسمية. وفي وقت إعلان المحكمة الدستورية قرارها، نشرت قوات الشرطة آليات لمكافحة الشغب وشاحنات لإغلاق الطرقات باتجاه منزل المعارض في ضاحية كوناكري، حيث كان ديالو يعتزم التحديث إلى الصحافة بعد الظهر، وفق مراسل لفرانس برس. "انقلاب" دستوري أصبح كوندي، المعارض التاريخي السابق الذي سجن وحكم عليه بالإعدام ثم ترأس البلاد في 2010، ليكون أول رئيس ينتخب ديمقراطيا بعد عقود من التسلّط، في عيون معارضيه وعدد من المدافعين عن الديمقراطية، واحداً من القادة الأفارقة الذين يجدون مبررات قانونية للبقاء في السلطة بعد انتهاء ولاياتهم. ورغم احتجاجات واسعة واستنكار جزء من المجتمع الدولي، دفع كوندي في مارس البلاد نحو تبني دستور جديد بهدف "تحديث المؤسسات"، على غرار توفير مكانة أوسع للنساء والشبان. وكما الدستور السابق، فإنّ النص الجديد يحدد عدد الولايات الرئاسية في اثنتين. إلا أنّ السلطات قالت إنّ اعتماد نص جديد يجعل كوندي مخوّلاً الترشح مرة جديدة برغم توليه الرئاسية مرتين، إثر انتخابات 2010 و2015. ورأت المعارضة في خطوات السلطة الحاكمة "انقلاباً" دستورياً. ومنذ نحو عام، تشهد هذه الدولة التي تعدّ من بين أفقر بلدان العالم، رغم مواردها المعدنية والمائية، احتجاجات يجري قمعها بشدة، وأعمال عنف أسفرت عن مقتل عشرات، غالبيتهم تقريباً من المدنيين. وفي دولة اعتادت على وقوع مواجهات سياسية دامية، كانت الخشية من حصول صدامات بعد الانتخابات قد تأكدت مع إعلان سيلو دالان ديالو أحادياً فوزه بالانتخابات. وبينما أشاد مراقبون أفارقة بمسار العملية الانتخابية، ندد ديالو بحصول "تزوير على نطاق واسع" أثناء عمليات فرز الأصوات. ليس "عقيدة" شككت الولاياتالمتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي في نزاهة نتائج التصويت. وأعلن حزب ديالو "اتحاد القوى الديمقراطية"، الجمعة، مقتل 46 شخصا تتراوح أعمارهم بين 3 ثلاث سنوات وسبعين عاما في قمع الاحتجاجات التي تلت الانتخابات. ويضاف هؤلاء إلى 90 شخصا قتلوا منذ أكتوبر 2019، حسب المعارضة. بدورها، أشارت السلطات إلى مقتل 21 شخصا منذ الانتخابات الرئاسية، بينهم عناصر من القوى الأمنية؛ وهي ترفض تحميل المسؤولية إلى القوى الأمينة في وقوع ضحايا، وإنّما تلقيها على قادة المعارضة الذين تتهمهم بالدعوة إلى العنف. وتعهدت المعارضة بمواصلة الاحتجاجات، بينما يندد ناشطون حقوقيون بانحراف استبدادي تشهده البلاد، يتهدد المكاسب التي تحققت في السنوات الأولى لكوندي في السلطة. ويفتخر ألفا كوندي بكونه عزز حقوق الإنسان، وبأنّ حكمه نهض بدولة وجدها منهارة حين بلغ رئاستها، وقال في أكتوبر إنّ تحديد الرئاسة في ولايتين ليس "عقيدة"، ولكنّه دافع عن نفسه إزاء اتهامه بأنّه يتطلع إلى حكم غينيا "مدى الحياة". * أ.ف.ب