في خروج مفاجئ الخميس، اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأجيل الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ينتظر تنظيمها في الثالث من نونبر المقبل. هذا المقترح، الذي اختار ترامب الإدلاء به عبر حسابه بموقع "تويتر"، ربطه في الوقت ذاته بذاته ب"تزوير الانتخابات" والتصويت عبر البريد؛ ما أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية الأمريكية. التأجيل حسب ترامب لا يرتبط فقط بالانتخابات الرئاسية العامة، وإنما انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب، والتي ستقام في التاريخ نفسه، وهي استحقاقات لا تقل أهمية عن سباق البيت الأبيض، على اعتبار أن الحزب الجمهوري سيدافع عن أغلبيته في مجلس الشيوخ؛ فيما سيعمل الديمقراطيون على تحصين أغلبيتهم في مجلس النواب. ويريد ترامب نسخ تجربة تأجيل الانتخابات التمهيدية التي أقرتها ولايات أمريكية عديدة خلال هذه السنة، بسبب مخاوف من انتشار وباء كورونا. وعاد الرئيس الأمريكي إلى انتقاد التصويت عبر البريد؛ وذلك خلال مؤتمر صحافي أقامه مساء الخميس في البيت الأبيض، معتبرا بأنه "هذا التصويت مزور، وأريد أن تعلن نتائج هذه الانتخابات في ليلتها، وهذه الانتخابات إذا أقيمت بشكلها الحالي ستكون أكثر الانتخابات تزويرا في تاريخ البلاد". يشير ترامب في هذه الحالة إلى أن احتساب أصوات الناخبين الذين صوتوا عبر البريد يأخذ وقتا أطول من التصويت المباشر، كما هو الحال بالنسبة لولاية كاليفورنيا التي امتد فيها احتساب خلال الانتخابات التمهيدية السابقة الأصوات لمدة وصلت لشهر بالنظر إلى أن عدد سكانها يتجاوز 40 مليون نسمة. في المقابل، لا يبدو هذا المطلب شعبيا في الأوساط السياسية الأمريكية، حتى بالنسبة لقادة الحزب الجمهوري في الكونغرس، الذين طالما دافعوا عن أجندة ترامب، كما هو الحال بالنسبة لزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل. وقال ماكونيل، في حديث لوسائل إعلام أمريكية الخميس، إنه "لم يحدث أن أجلت انتخابات على المستوى الفيدرالي، رغم الحروب الخارجية والركود الاقتصادي والحروب الأهلية"، مضيفا: "سنتعامل مع الوضع الحالي، وسنقوم بإجراء الانتخابات خلال الثالث من نونبر كما هو مقرر بالفعل". وذهب عدد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين في الاتجاه ذاته، كرئيس لجنة العدل في مجلس الشيوخ، لينسي غراهام، وعضوي المجلس ماركو روبيو وتيد كروز. الدستور والتأجيل حسم الدستور الأمريكي مسألة تأجيل الانتخابات العامة ومن يتمتع بصلاحيات تحديد موعدها، إذ منحها بشكل خاص للكونغرس؛ وذلك استنادا للمادة الثانية من الدستور التي تخول له ذلك. في الاتجاه ذاته، حدد قانون فيدرالي صدر سنة 1845 موعد الانتخابات في أول ثلاثاء في شهر نونبر؛ ما يعني أن تغيير موعد الانتخابات يحتاج تغيير القوانين الفيدرالية. وبالنظر إلى أن موازين السلطة يقتسمها الديمقراطيون والجمهوريون في الكونغرس، فإن مسألة تغيير القوانين الفيدرالية في الوقت الحالي من أجل إقرار التأجيل التي اقترحه الرئيس ترامب تبقى مستبعدة، خصوصا أن تغيير هذه القوانين يقتضي موافقة مجلسي النواب والشيوخ. ترامب.. تراجع في استطلاعات للرأي يعيش الرئيس الأمريكي أياما صعبة في البيت الأبيض، بعد تراجع شعبيته بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة، بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية وفقدان ملايين الأمريكيين لمناصبهم، في وقت فشلت فيه إداراته في محاصرة وباء كورونا الذي يواصل حصد المزيد من الأرواح في الولاياتالمتحدة. وتشتد حدة أزمة الشعبية التي يعيشها ترامب في عدد من "الولايات المتأرجحة" التي تعد أبرز مفاتيح البيت الأبيض، وهي الولايات التي يتأرجح التصويت فيها بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري من كل انتخابات إلى أخرى. وتعتبر ولايات فلوريدا وكارولينا الشمالية وأريزونا وبنسلفانيا بالإضافة إلى ميشيغان ويسكونسن ومينيسوتا وأيوها ونيوهامشر، وهي ولايات تمكن ترامب من الظفر بأغلبها خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، وبفضلها ضَمِن كرسيه في البيت الأبيض. لكن استطلاعات الرأي الأخيرة لا تحمل أخبارا سارة لترامب، ففي ولاية فلوريدا تشير جميع الاستطلاعات إلى تقدم واضح للمرشح المحتمل للحزب الديمقراطي جو بايدن، بفارق يصل في بعض هذه الاستطلاعات إلى خمس نقاط. هذا التراجع لا يرتبط فقط في "الولايات المتأرجحة"، وإنما يشمل أيضا قلاعا "حمراء" للحزب الجمهوري، كما هو الحال بالنسبة لولاية تكساس التي كان آخر انتصار فيها للديمقراطيين خلال الانتخابات الرئاسية سنة 1976. وفي استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "MorningConsult"، يتقدم بايدن بنقطتين على حساب ترامب في ولاية تكساس. وفي حال ظلت هذه النتائج على حالها إلى غاية الثالث من نونبر، فإن ترامب قد يمنى بهزيمة مذلة؛ لكن تبقى الإشارة إلى أن أغلب استطلاعات الرأي في الانتخابات السابقة كانت تمنح الأفضلية للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، قبل أن تحمل النتائج ترامب إلى البيت الأبيض.