تتّجه دول الاتّحاد الأوروبي إلى الاستغناءِ عن الصّين في تأمينها سلاسل الإمداد من خلال البحث عن أسواقٍ بديلة تتحدّد فيها شروطُ القربِ و"الكفاءة" والاستقرار، وذلك إثرِ تضرّر اقتصادات أوروبا من جائحة "كورونا". وبات تفكير عدد من الدّول الأوروبية منصبّاً على إعادة تأمين سلاسل الإمداد وعدمِ تركّزها في مكان واحد مثل الصّين، وهي الخطوة التي أقرّتها الولاياتالمتحدة بدعمِ عودة الصّناعات الأمريكية من الصّين وغيرها من الدّول لكي تنتج محليا مرّة أخرى. ويحاول "قادة أوروبا" البحث عن خطة بديلة لتقصير سلاسل الإمداد ودرء تركّزها في الصّين، وذلك إمّا عبر توطينها في الاتحاد الأوروبي أو بالقرب منه. كما يروج التّفكير حالياً في السّوق المغربية أو البرتغالية لتكون البديل للتّنين الصّيني. ويعدُّ الاتحاد الأوروبي، الذي يعيش به عدد ضخم من المهاجرين المغاربة، ولاسيما في فرنسا وإسبانيا، أكبر شريك اقتصادي للمغرب، إذ يستحوذ على أكثر من نصف تجارة البلد واستثماراته الخارجية. وتمثل حركة التجارة بين الطرفين، التي تهيمن عليها تجارة الآلات ومعدات النقل، حوالي 40 في المائة من الصادرات والواردات (بالمغرب). ويقول الخبراء إن "المغرب، واحة الاستقرار السياسي في الناحية الجنوبية المضطربة من الاتحاد الأوروبي والشريك التجاري الموثوق به للكتلة الأوروبية، قد يكون خيارًا واضحًا للشركات التي تتطلع إلى تقليص طول سلاسل الإمدادات الخاصة بها". ويؤكّد المحلل الاقتصادي عمر الكتّاني أنّ "المغرب يمكن أن يحظى بثقة الأوروبيين لجلب الاستثمارات، بالنّظر إلى أنّ كلّ الظروف مواتية؛ فاليد العاملة متوفّرة ورخيصة، كما أنّه ينعمُ بالاستقرار السّياسي ويمثّل نموذجاً في شمال إفريقيا"، مورداً أنّ "البلد يمثّل مركز انطلاق إلى السّوق الإفريقية". وأشار الخبير الاقتصادي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أنّ "هناك أسواقا دولية ضخمة تريد الدّخول إلى المغرب، مثل السّوق الرّوسية والتّركية والبرازيلية؛ وذلك بالنّظر إلى الموقع الإستراتيجي للمملكة، وكذا الفرص الواعدة التي تزخر بها"، مبرزاً أنّ "هناك رغبة وإرادة سياسية لتأهيل السّوق المغربية". واعتبر المحلل ذاته أنّ "جودة الصّناعة المغربية تتأتّى من جودة الإنسان وكفاءته"، مبرزاً في هذا الصّدد أنّ "المغاربة قابلون للتّعلم بسرعة، كما أن هناك مؤهّلات طبيعية متنوّعة تجعلُ الأوروبيين يميلون إلى الاستثمار في المغرب". وشدّد الخبير ذاته على أنّ "المغرب مقبل على تأهيل صناعته العسكرية، وهو ما سيجعل أنظار الحلفاء الاقتصاديين الإقليميين والدّوليين تتّجه إليه"، معتبراً أنّ "السوق المغربية يمكنها أن تنافس نظيرتها البرتغالية في جذب المستثمرين".