تلقى الشعبُ المغربيّ صدمةً في المشاركة الأخيرة للمنتخب الوطنيّ لكرة القدم في كأس أمم إفريقيا، حيث أُقصِيَ من الدَّور الأول، بعدما كان الطموح كبيرا في إحراز كأسٍ "هَرِمْنا وَصَلُعْنا" في انتظارها، وظهر أن المنتخب المغربيّ ليس مغربيّا سوى بالاسم، فلاعبوه ومدربه وطاقمه يتقاضون الملايير، في بُعْدٍ بَيِّنٍ عن الواقع المغربيّ، الذي يتأرجح بين الفقر والتوسط في الحالة الماديَّة للغالبيّة الساحقة للمغاربة، فأجرُ المدربِ لا يقل عن 250 مليونا، والأرجح أنه أكبرُ بكثير من ذلك، فالصفقة خفيَّة، ويبقى الخفيُّ أعْظَم. وكما يقول المثل الشعبي المغربي: "ما قدّو فيل، زادوه فيلة"، فالشعب لم يبْرأْ بَعْدُ من جرح منتخب كرة القدم، لتبدأ الاستعدادات لمهرجان "موازين"، الذي يكلف الملايير، فأجر المطربة الأمريكية ماريا كاري الذي ستتقاضاه عن سهرة لا تتجاوز سويعات سيزيد عن 830000 دولار، ولا ننسى في الدورة الأخيرة لهذا المهرجان تَقاضي المطربةِ الكولومبيّة شاكيرا 772000 دولار عن 30 دقيقة من الغناء، أي حوالي 26000 دولار للدقيقة الواحدة، في حين يتقاضى عمال المعامل بالمغرب 10 دراهم لساعة من العمل الشاق. إن المسؤولين عن مهرجان "موازين" لا يتوانون عن القول: "إن ميزانية هذا المهرجان ليست من خزينة الدولة، بل تقدمها الشركات الداعمة لهذا المهرجان"، ولكن، من أين تحصل هذه الشركات على أموالها؟ أليس من جيوب المغاربة، أَوَلا نستحق أن تُستثمَر تلك الأموالُ في مشاريعَ تنمويةٍ اجتماعية، تعود بالنفع على عموم الشعب، أَلَيْس حَرِيّا بها عِِوَضَ أن تَضُخ هذه الأموالَ الطائلةَ في جيوب مُغنيّين يملكون ترواث يتعب الدماغ في عدِّها، أن تُعطى مساعداتٍ لسكان المغرب البارد، الذين يَكْتَوون جوعا وبردا ومَرَضا، ويعيشون في مناطق تفتقرُ لأساسيات الحياة، من ماء وكهرباء وطرق ومدارس ومستشفيات، ولا دخل لهم سوى فلاحة معيشية لا تُسمن ولا تغني من جوع. إن الحكومة المغربية الجديدة، التي يقودها حزب المصباح، اعتمدت في برنامجها على نقطة هامة، وهي الحكامة ومحاربة الفساد، ومن بُؤَر هذا الفساد الأخطبوط، الذي يضرب بأذرعه يمينا وشمالا، منتخب كرة القدم، فنحن في حاجة لمنتخب من الدراويش، يبذلون الجهد إخلاصا للراية والملك والشعب، وإلغاء مهرجانات الفساد، وتعويضها بمهرجانات بَنّاءة، تفيد وتنتج، مما يكفل بإعادة البسمة لفقراء جوعى، أنهكتهم الخصاصة.