بعد إيداع شكوى لدى "اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي" في 14 نونبر 2019، يتساءل ناشطون حقوقيّون ومحامون وصحافيون مغاربة عن مآل هذه الشكاية التي طلبت "فتح تحقيق في موضوع التجسس علينا عبر تطبيق شركة (إن إس أو)"، التي توجد بدولة الاحتلال الإسرائيلي، وتُصنِّعُ تطبيقا يستعمَل في التجسّس يباع حصرا للدّول. وتعود فصول هذه القضية إلى سنة 2019 عند إخبار جهات عديدة، من بينها تطبيق "واتساب" و"منظمة العفو الدولية" والمختبر الكندي "سيتيزن لاب"، المعنيين بالأمر، كلّ على حدة، بأن هواتفهم قد ثبت اختراقها بتطبيق "بيغاسوس". والمعنيون بالأمر هم الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني، والصّحافي والأستاذ الجامعي أبوبكر الجامعي، والأستاذ الجامعي رئيس جمعية "الحرية الآن" المعطي منجب، وعضوَا الأمانة العامة للدائرة السياسية للعدل والإحسان حسن بناجح وأبو الشتاء مساعف، والصحافي عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان عبد اللطيف الحماموشي، ورئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان عبد الواحد متوكل، ومسؤول علاقاتها الخارجية محمد حمداوي. ويقول هؤلاء الموقّعون على بلاغ جديد صدر بعد إعلان "أمنستي" أنّ الصحافي المغربي عمر الراضي قد ثبت استهداف هاتفه بالبرمجية نفسها، إنّ "تطبيق واتساب سبق وأخبرنا في بداية نونبر 2019 باكتشاف تعرض هواتفنا للاختراق بقصد التجسس علينا، ومن ثم انتهاك حقنا في الخصوصية"، مضيفين: "تم التواصل معنا من طرف إدارة واتساب بشكل فردي، بالتزامن مع صدور تقرير لمنظمة العفو الدولية يؤكد ما سبق أن أعلنته إدارة واتساب من كون سلطات عدد من الدول، ضمنها المغرب، استعملت برنامج بيغاسوس للتجسس، الذي تم اقتناؤه من المؤسسة الإسرائيلية NSO (إن س أو)". وذكّر البيان بإعلان "واتساب" في شهر نونبر 2019 "اكتشافه لاستغلال شركة NSO ثغرة أمنية في التطبيق لاستهداف هواتف 1400 شخص بالتجسس في الفترة ما بين أبريل وماي 2019، منهم مدافعون حقوق الإنسان" في دول بالعالم العربي. ويطالب الحقوقيّون والصحافيّون والفاعلون السياسيون في بيانهم بحقهم في حماية معطياتِهم الشخصية، قائلين: "نرفض محاولة السلطة المغربية التنصّل من مسؤوليتها عن التجسس على مجموعة من المعارضين، والانتهاك الصارخ لحقوقهم الأساسية". ويأتي هذا البيان بعدما دعا ناشطون حقوقيون مغاربة، في السنة الماضية (2019)، السلطات المغربية إلى فتح "تحقيقات قضائية جدية"، بعد تبليغهم من "واتساب" و"أمنستي" بأنّ هواتفهم متجسَّسٌ عليها، وبعدما سجَّلوا في بيان مشترك سابق أنّ من مسؤولية "الدولة المغربية، وأجهزة أمنها، ومؤسساتها المكلفة بحماية الحقوق والحريات، حماية أمنهم، وحرّيّاتهم"، وأنّها "ملزمة بالتحقيق في الهجمات الإجرامية التي تعرضوا لها من خلال التجسس على معطياتِهم الشخصية"، معتبرين "الدولة والمؤسسات الأمنية والمكلفة بحماية الحقوق والحريات مسؤولين عن الإفلات من العقاب الذي يتمتع به القائمون بهذه الانتهاكات في حقهم". كما ذكر المتضرّرون في بيانهم السابق أنّهم ينتظرون "تحقيقات تضمن لهم حقوقهم، وتجبر الضرر المادي والمعنوي الذي لحقهم، وتسمح بمحاسبة المجرمين المسؤولين عن هذا الفعل الشنيع، كل حسب درجة مسؤوليته، وتعطي الضمانات الحقيقية بألا يخضع أي شخص لانتهاك غير قانوني لحقوقه في السلامة، وحماية معطياته الشخصية". وزادوا: "في انتظار تحمل السلطات مسؤولية إجراء تحقيق نزيه، فإننا نعتبر الدولة مسؤولة عن اللّاأمن القانوني، وعن تراجع الحريات العمومية، وفقدان الثقة الذي تساهم فيه ممارساتها السلطوية". وسبق أن قال فؤاد عبد المومني، أحد الناشطين الحقوقيين المغاربة المتضرّرين من الاختراق، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنّ ما يهمّ المعنيّين بهذا الاختراق هو أن "نضعَ الدّولة أمام مسؤوليتها، ونُشهِد الرأي العامّ على ما تقوم به أو ما لا تقوم به"، مضيفا: "ننتظر ردَّ الفعل في الأجل المعقول، ومن خلال ردّ الفعل هذا أو غيابه سيظهر هل هناك حدّ أدنى من احترام القانون وحقوق الإنسان، أم إنّ هناك تحمّلا ضمنيا لمسؤولية رعايتها لهذه الأفعال المشينة". تجدر الإشارة إلى أنّ شركة "واتساب" التابعة ل"فيسبوك" قد رفعت دعوى قضائية ضدّ شركة "إن إس أو" (NSO) الإسرائيلية التي تعمل في مجال المراقبة الإلكترونية، بتهمة اختراق منصّتها في وقت سابق من سنة 2019، لاستهداف صحافيين، ودبلوماسيين، وناشطين حقوقيين، وموظَّفين حكوميين كبار.