تنظم النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بسيدي إفني، ندوة فكرية عن بعد تحت عنوان :"محطات من تاريخ ومقاومة جهاد آيت باعمران (1912-1969)"، بتعاون وشراكة مع منتدى إفني آيت باعمران للتنمية والتواصل. كما ستنظم محاضرات تواصلية في موضوع: "أدوار ومهام فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بجهة كلميم واد نون وفضاء تافراوت" بتنسيق مع نيابات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بجهة كلميم واد نون واقليم تيزنيت، وذلك يومي 30 يونيو و01 يوليوز 2020. وتحل الذكرى ال51 لاسترجاع مدينة سيدي إفني واستكمال التحرير الوطني والوحدة الترابية. في ظروف دقيقة وحرجة تجتازها البلاد كسائر بلدان المعمور مع جائحة كوفيد 19 الوبائية. وبالرغم من الرفع التدريجي لإجراءات الحجر الصحي الوقائي، لن يتسنى إقامة هذه الذكرى، على مألوف العادة في موعدها وفي مكان الاحتفاء بها. ويخلد الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، يوم الثلاثاء 30 يونيو الجاري، الذكرى ال51 لاسترجاع مدينة سيدي إفني واستكمال التحرير الوطني والوحدة الترابية. ففي يوم 30 يونيو 1969، تم إجلاء قوات الاحتلال الأجنبي عن هذه الربوع الأبية من الوطن التي أبلت البلاء الحسن في مواجهة النفوذ الأجنبي ومناهضته ذودا عن حمى الوطن وحياضه وحوزته ووحدته. ويورد بلاغ المندوبية: "الانتفاضات الشعبية اندلعت بالأطلس وبالريف وبسائر ربوع الوطن إثر فرض معاهدة الحماية على المغرب يوم 30 مارس 1912، لتؤكد مطلبها المشروع في الحرية والاستقلال. وعلى غرار المناطق المغربية، قدمت قبائل آيت باعمران الأمثلة الرائعة على روحها النضالية العالية، وتصدت بشجاعة وإباء لمحاولات التوغل والتوسع الأجنبي، حيث خاضت معارك بطولية عديدة مسترخصة الغالي والنفيس صيانة لوحدة الكيان المغربي ودفاعا عن مقدساته الدينية وثوابته الوطنية. ولقد ساهم أبناء هذا الإقليم المجاهد، وعلى غرار بقية الأقاليم الجنوبية للمملكة، في الملحمة الخالدة لثورة الملك والشعب بتزويد المقاومة المسلحة بالشمال بالسلاح والذخيرة. كما لعبت مدينة سيدي إفني دورا رائدا في معركة التحرير والوحدة الترابية والوطنية بتعزيزها للخلايا وللمنظمات الفدائية برجال أشداء ذاع صيتهم في ساحة المعارك ضد جحافل القوات الاستعمارية. كما كانت معقلا لتكوين وتأطير رجال المقاومة وجيش التحرير من طرف رموز وأبطال أفذاذ نذروا حياتهم من أجل عزة الوطن والدفاع عن حريته ووحدته. وسجلت الذاكرة التاريخية الوطنية لقبائل إقليمسيدي إفني حضورها القوي ومساهمتها الفعالة في الانطلاقة المظفرة لجيش التحرير بالأقاليم الجنوبية للمملكة سنة 1956 لاستكمال الاستقلال وتحرير المناطق الجنوبية للوطن، التي كانت رازحة تحت نير الاستعمار الأجنبي، فضلا عن انغمارها في صنع أمجاد انتفاضة 23 نونبر 1957 الخالدة التي تناقلت أطوارها الصحف العالمية، مشيدة باستماتة المقاومين وجيش التحرير وصمودهم وكفاحيتهم العالية ووقوفهم في وجه قوة الاستعمار الغاشم. كما تفاعلت هذه الربوع المجاهدة أيضا مع كافة المحطات النضالية التي خاضها الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد لاستكمال مسلسل التحرير الذي أعلن عنه السلطان الراحل محمد الخامس في خطابه التاريخي بمحاميد الغزلان في 25 فبراير 1958، وهي السنة التي استرجعت فيها بلادنا مدينة طرفاية. لقد كانت منطقة سيدي إفني بحكم موقعها الإستراتيجي محط أطماع المستعمر وهدفا إستراتيجيا لقواته باعتبارها بوابة بحرية مؤهلة للإنزال العسكري والعمليات الحربية ولطبيعة سيدي إفني وأرضيتها ومنصاتها لهبوط الطائرات وتضاريسها التي تجعل منها حصنا يطل على امتدادات شاسعة في عمق تراب آيت باعمران والأقاليم الجنوبية عموما. ولذلك، حطت جيوش الاحتلال بكل ثقلها في المنطقة منذ سنة 1934 وعززت وجودها بكثافة وشنت عمليات عسكرية وحربية شاملة وكاسحة لأجزاء من التراب الوطني. في مواجهة واقع الاحتلال والتقسيم، خاض المغرب، بقيادة الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، حملة دبلوماسية متواصلة، واستطاع أن يجعل من مطلب المغرب في استرجاع أراضيه السليبة قضية تحظى بالأولوية في المحافل الدولية، محبطا كل المناورات المكشوفة والمبطنة لإثبات حقه المشروع في استعادة وحدته الترابية. وفي هذا الصدد، يقول جلالته في خطابه السامي بمناسبة زيارته لمدينة سيدي إفني في 18 ماي 1972: "أرجوكم أن تبلغوا تحياتنا إلى سكان الإقليم، وبهذه المناسبة أبلغ سكان المغرب قاطبة افتخاري واعتزازي وحمدي لله وتواضعي أمام جلاله لكونه أنعم علي بأن أكون ثاني الفاتحين لهذه البقعة". ولم يكن تحرير مدينة سيدي إفني إلا منطلقا لمواصلة وتعزيز جهود المغرب في استرجاع باقي الأطراف المغتصبة من ترابه، وتكللت التعبئة الشاملة بملحمة أبهرت العالم أجمع، جسدت عبقرية الحسن الثاني رحمه الله التي أبدعت مبادرة رائدة في ملاحم التحرير بتنظيم مسيرة شعبية سلمية وحضارية استقطبت آلاف المتطوعين وساندها أشقاء من العالم العربي والإسلامي ومن العديد من البلدان الصديقة، وسارت وفودهم في مقدمة وطليعة المتطوعين في المسيرة الخضراء يوم 6 نونبر 1975. فكان جلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية يوم 28 فبراير 1976، ورفرفت الراية المغربية خفاقة في سماء العيون إيذانا ببشرى انتهاء عهد الاحتلال الإسباني للصحراء المغربية، وإشراقة شمس الوحدة الترابية لبلادنا، من الشمال إلى الجنوب، ومن طنجة إلى الكويرة. وباحتفائها بهذه الذكرى العظيمة التي يحق لكل المغاربة الاعتزاز بحمولتها الوطنية ورمزيتها وقيمتها التاريخية، تستحضر أسرة المقاومة وجيش التحرير ملاحم الكفاح الوطني في سبيل تحقيق الاستقلال والوحدة الترابية، وتستلهم منها قيم الصمود والتعبئة الوطنية المستمرة والالتحام الوثيق بين أبناء الشعب المغربي من أقصى تخوم الصحراء إلى أقصى ربوع الشمال، وتؤكد مجددا تجندها الدائم والموصول صيانة للوحدة الترابية الراسخة التي لا تزيدها مناورات الخصوم إلا وثوقا وصمودا وثباتا. إن أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تخلد بإكبار وإجلال الذكرى ال51 لاسترجاع مدينة سيدي افني، لتجدد موقفها الثابت من قضية وحدتنا الترابية، وتعلن استعداد أفرادها لاسترخاص الغالي والنفيس في سبيل تثبيت السيادة الوطنية بأقاليمنا الجنوبية المسترجعة ومواصلة الجهود والمساعي لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لفائدة ساكنتها.