أعربت مجموعة من الهيئات النقابية والحقوقية عن قلقها بخصوص البؤرة الوبائية التي سجلت في مجموعة من الوحدات الفلاحية للفراولة بدائرة "للاميمونة" بالقنيطرة، مستنكرة "غياب أبسط شروط الوقاية الصحية وظروف العمل الإنسانية في الضيعات الفلاحية"، وداعية السلطات المحلية، ومعها وزارتي الصحة والتشغيل، إلى توفير الشروط الآمنة للعاملات في جميع فضاءات الشغل. وفي هذا الصدد، حمّل منتدى المناصفة والمساواة، الإطار المُوازي لحزب التقدم والاشتراكية، مسؤولية ما أسماه "الانفجار الوبائي" للمُشَغِّلين الذين لم يتقيدوا بقواعد الوقاية والاحتراز، ثم الجهات المُفترض أن تُراقِبَ مدى احترام هذه الوحدات الإنتاجية للتدابير الصحية التي قررتها السلطات العمومية المختصة. ودعا المنتدى، في بيان توصلت به هسبريس، السلطات العمومية المختصة إلى "حُسن التكفل الطبي والاجتماعي بالعاملات ضحايا هذا الانتهاك الصارخ لحقوقهن الدنيا، وإجراء بحثٍ في الموضوع تُرَتَّبُ إثره المسؤولياتُ والجزاءاتُ على كل من ثبت تورطه في وقوع هذه المأساة". كما سجل المصدر عينه أن "النساء العاملات في الوحدات الصناعية والفلاحية هن الأكثر عُرضة لانتهاك الحقوق الإنسانية في فضاءات الشغل، بدءاً من عدم المساواة في الأجور، إلى غياب الحماية الاجتماعية، مرورا بالشروط اللاإنسانية التي يتم نقلهن فيها إلى أماكن العمل، ووصولا إلى عدم احترام ساعات العمل، والحرمان من أبسط شروط الوقاية الصحية وظروف العمل الإنسانية". من جهتها أدانت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل "الاستهتار بصحة وسلامة العاملات والعمال، وجشع بعض أرباب العمل في مراكمة الأرباح على حساب حياة العمال ومصلحة الوطن"، وزادت مستدركة: "تنضاف المعاناة النفسية والصحية إلى تدهور القدرة الشرائية لفئات واسعة من الطبقة العاملة، نتيجة التوقف المؤقت عن العمل ومحدودية التعويض المقدم". وترى النقابة، عبر بيان مكتبها التنفيذي، أن "الوضع الحالي يسائل دور وزارة الشغل في المراقبة وفرض تنفيذ البروتوكولات الصحية الوقائية، وكذلك قانون الشغل، وكل الإجراءات المرتبطة بحفظ الصحة والسلامة المهنية، ويسائل أيضا دور وزارة الداخلية التي تابعت آلاف المواطنين لخرقهم الحجر الصحي، بينما تغض الطرف عن أرباب العمل المستهترين بصحة وسلامة العمال". أما الاتحاد الإقليمي لنقابات القنيطرة، المنضوي تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، فأرجع تفشي الوباء إلى "تهور واستخفاف بعض أرباب الضيعات بالإجراءات اللازمة، موازاة مع إهمال السلطات المحلية والشغلية لدورها الأساسي في فرض شروط الصحة والسلامة في فضاءات التشغيل والمرافق الجماعية والنقل من مدن مجاورة، ما كلف الأطقم الصحية والأمنية مجهودات مضاعفة لمحاصرة العدوى بالإقليم". وتابع الاتحاد عينه بالقول: "نبهنا عدة مرات من مغبة الاستهتار بالإجراءات الاحترازية وسط الضيعات الفلاحية ووحدات الإنتاج بالمنطقة الصناعية، واستغلال هذه الظرفية لتغول أرباب الوحدات الإنتاجية على الأطراف الأخرى (السلطة والعمال)، واتخاذ قرارات تعسفية ضد الحق في ممارسة الحريات النقابية، وفي بعض الأحيان التخلص من النقابيين لأنهم طالبوا بتوفير مستلزمات الوقاية من وباء كورونا". فيما قررت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان وضع شكاية لدى الوكيل العام بالعديد من مسؤولي الإقليم، للمطالبة بفتح تحقيق مع أصحاب ضيعات "الفراولة" التي سجلت بها الإصابات، ومندوب الصحة ومندوب الشغل بالقنيطرة، ورئيس دائرة "لالة ميمونة" والقياد العاملين في نفوذ الدائرة. ووفقاً لبيان الرابطة، الذي توصلت به هسبريس، فإنها "تحمل المسؤولية كاملة للسلطات المحلية ومندوبية الصحة ومفتشية الشغل التي تتغاضى عن الواقع السيئ للعاملات والعمال، واشتغال العديد منهم دون تسجيلهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي". لذلك، طالب المصدر عينه السلطة القضائية بفتح تحقيق حول العديد من النقط المهمة، "التي يمكن أن تشكل البعض منها جرائم تعريض حياة المواطنات والمواطنين المغاربة لخطر الموت، نذكر منها على سبيل المثال التقصير في الكشف عن الحالات من طرف مصالح وزارة الصحة بالقنيطرة لضمان استمرار 'الباطرونا الفلاحية' في عملية الإنتاج". كما سجل البيان "تقصير مفتشية الشغل بخصوص ظروف عمل العاملات والعمال، وعدم تسجيلهم في صندوق الضمان الاجتماع، وكذا تقصير السلطات المحلية في مراقبة وضبط ظروف التنقل والتغذية الجماعية، واحترام تدابير الحجر الصحي للعاملات والعمال في تلك الضيعات".