منعطف جديد في قضية خنق الشاب المغربي إلياس الطاهري، الذي شُبّهت قصته بالأمريكي جورج فلويد، الذي أشعل فتيل الاحتجاجات في بلاد "العم سام"، بعدما أعلن مكتب المدعي العام في ألميريا إعادة فتح التحقيق في القضية، تجاوباً مع الحملة الوطنية التي قادتها فعاليات حقوقية وبرلمانية ومدنية وقانونية. ووفقاً لمنشورات إعلامية في "المملكة الإيبيرية" فقد طالب مكتب المدعي العام في ألميريا بمواصلة التحقيق في قضية "جورج فلويد المغربي"، قصد تحديد طبيعة المسؤوليات الناجمة عن وفاة الشاب البالغ قيد حياته 18 سنة، الذي توفي، خلال يوليوز 2019، في مركز الأحداث "تيراس دي أوريا" بمدينة ألميريا الإسبانية. وتبعا للمصادر عينها فإن مذكرة النيابة العامة تثير الشكوك بشأن التطبيق القانوني لبروتوكول التقييد الميكانيكي، مشيرة إلى أن "الشروط التي يقتضيها القانون الجنائي والسوابق القضائية للمحكمة العليا مستوفاة لمتابعة الأشخاص الذين أمروا بتطبيق البروتوكول الذي تسبب في وفاة إلياس الطاهري". بذلك، وافق مكتب المدعي العام في ألميريا على قبول الاستئناف الذي تقدّمت به أسرة المتوفى في الملف، مؤكدا أن المعطيات المتوفرة في الظرفية الراهنة لا تشير إلى "وجود جريمة منسوبة إلى الأشخاص المُدرجة أسماؤهم في التحقيق"؛ ويتعلق الأمر أساسا بموظفي الجمعية الإسبانية لإدارة الاندماج الاجتماعي (GINSO). إلى ذلك، يلفت مكتب المدعي العام لألميريا إلى أنه سيقتصر على التشكيك في طبيعة البروتوكول المذكور الذي طُبّق على الشاب المغربي، بالنظر إلى أنه خالف جميع التوصيات الصحية على المستويين الوطني والدولي، من خلال إلقائه على بطنه ووجهه إلى الأسفل، بينما يكون رأس المتابع إلى الأعلى أثناء الاعتقال. وحثّت المذكرة على ضرورة توضيح المسؤوليات المحتملة بشأن بروتوكول التقييد الذي تطبقه الجمعية، مسجلة بعض الثغرات على مستوى "التطبيق الصحيح" لهذا البروتوكول من لدن الموظفين، وموضحة أن المسؤولية القانونية تقع على الشركة التي صاغته، على أساس أن الموظفين يكونون ملزمين بتطبيق بنوده. وفي هذا الصدد قال مراد العجوطي، منسق "ائتلاف العدالة لإلياس": "إن رسالة المدعي العام من أجل مواصلة التحقيق خطوة إيجابية في المسار الصحيح، لكننا نعبر عن قلقنا بخصوص بيانه الذي حاول نزع المسؤولية عن مرتكبي هذه الجريمة، بمحاولة تكييف الواقعة كأنها إفراط في استعمال القوة فقط". وأضاف العجوطي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "البيان ركّز على مدى قانونية استعمال بروتوكول التقييد الميكانيكي، في حين أن الأمر يتعلق بجريمة قتل؛ ومن ثمة يجب متابعة مرتكبيها على هذا الأساس"، مستدركا: "نقوم بحملة ضغط في الملف منذ أزيد من عشرة أيام، انخرط فيها العديد من السياسيين والبرلمانيين وجمعيات المجتمع المدني". وزاد محدثّنا: "الحادث لا نريده أن يؤثر على العلاقات المغربية الإسبانية المتميزة، لكن في الوقت نفسه لا يمكننا السماح بأن يمر مرور الكرام، عبر اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وإن بقي لدينا تخوّف بخصوص تكييف التهمة، لأنها تعد جريمة قتل، وليست إفراطا في استعمال القوة المادية، لأن هذا الإفراط أدى في نهاية المطاف إلى جريمة"، داعيا إلى "مواصلة التحقيق في القضية إلى حين ضمان حقوق الأسرة". وأشارت العديد من التقارير الإسبانية إلى أن الشاب إلياس دخل المركز في اليوم الثاني من ماي، ووُصف بكونه يعاني من مشاكل جعلته معاديا للمجتمع؛ وهو ما لم يكن حاضرا في الفيديو الذي يوثق واقعة التكبيل والضغط، الذي تكفل به أكثر من رجل أمن واحد. وحسب المصادر عينها فقد تذرعت الشرطة بمقاومة الشاب المغربي لأوامرها، وبسبب ذلك اضطرت لضبطه بالقوة على السرير، ورأسه إلى الأسفل بشكل يخالف القانون الإسباني، الذي يشدد على أنه أثناء الاعتقال رأس المتابع يكون إلى الأعلى تفاديا للإضرار به.