بينما لم تتأكد صحة الخبر الذي يروج منذ أيام حول عدم تصريح مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، بكاتبة كانت تشتغل في مكتب المحاماة الذي يملكه بمدينة الدارالبيضاء قبل وفاتها، مدة عشرين عاما، لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أعاد النقاش الدائر حول هذا الموضوع إلى الواجهة سؤال عدم تصريح فئة واسعة من المشغّلين بأجرائهم لدى الCNSS. وحسب مقتضيات القانون المؤطر للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الصادر سنة 1972، فإن التصريح بالأجراء يُعتبر إلزاميا وليس أمرا اختياريا، حيث يجب على كل مشغّل أن يقدم تصريحا منتظما بالأجور المدفوعة لمستخدميه. وبخلاف ما هو منصوص عليه في القانون، فإن ما يجري في الواقع شيء مختلف تماما؛ ذلك أنّ ملايين الأجراء لا يصرِّح بهم مشغّلوهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، "فمن أصل أزيد من تسعة ملايين عامل، لا يتعدى عدد العمال المصرح بهم ثلاثة ملايين وخمسين ألفا"، يقول يوسف مگوري، الكاتب الجهوي لنقابة الاتحاد المغربي للشغل بجهة الرباط. ويرى الفاعل النقابي ذاته أن مسؤولية عدم التصريح بالأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يتحمّلها المشغّلون بالدرجة الأولى، ما دام أن القانون المؤطر للصندوق يُلزمهم بالتصريح بأجرائهم؛ لكنه استدرك بأن العقوبات المفروضة على غير الممتثلين لهذا القانون بسيطة جدا، وهو ما يشجّعهم على خرق القانون. وأضاف مگوري، في تصريح لهسبريس، أن عدم تصريح المشغّل بأجرائه لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا يضرب فقط حق الأجير في الاستفادة من الحماية الاجتماعية، من تغطية صحية وتقاعد وتعويضات عن الأبناء... بل يترتّب عليه أيضا إخلال المقاولة أو الشركة بمبدأ أساسي في العلاقات الشغلية، وهو دورها الاجتماعي. وإذا كانت وضعية الأجراء غير المصرح بهم واضحة، فإن هناك آلافا من الأجراء تُهضم حقوقهم رغم التصريح بهم، إذ لا يصرّح مشغّلوهم بعدد الأيام الحقيقي التي اشتغلوها خلال الشهر، وهي، قانونيا، 26 يوما، ويصرّحون فقط باثني عشر يوما، أو خمسة عشر أو عشرين؛ وهو ما يحرم الأجير من جمع عدد الأيام المطلوب للتمتع بالمعاش بعد التقاعد. واعتبر يوسف مگوري أن مسؤولية عدم التصريح بالأجراء نهائيا أو التصريح بعدد أيام أقلّ من العدد الحقيقي تتحمّل مسؤوليته أيضا وزارة الشغل والإدماج المهني، باعتبارها الجهة الوصية على حماية حقوق الأجراء، إذ يتعين عليها أن تسهر على مراقبة مدى التزام المشغلين بالتصريح بأجرائهم، مشيرا إلى أن هذه العملية لا تتم كما هو مطلوب، نظرا لقلة عدد مفتشي الشغل. وأردف الفاعل النقابي قائلا: "لدينا فقط ما بين ثلاثمائة وخمسين وأربعمائة مفتش شغل فقط في المغرب؛ في حين أن عدد المقاولات المصرّحة بأجرائها أو ببعضهم يزيد على 250 ألف مقاولة، فكيف يمكن مراقبة هذا العدد الهائل من المقاولات بالعدد القليل من مفتشي الشغل المتوفرين لدينا؟". وبالرغم من أن بإمكان الأجير أن يعرف هل هو مصرّح به من طرف مشغله لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أم لا، وبإمكانه أن يطّلع بانتظام على عدد الأيام المصرح بها، فإن بعض الأجراء يخشون مطالبة مشغّليهم بالتصريح بهم خوفا من طردهم من العمل، وهناك عامل آخر يتعلق بضعف الوعي بالحقوق لدى الأجراء، حسب يوسف مگوري.