قال نجيب أقصبي، الخبير الاقتصادي المغربي، إن استمرار إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر، منذ عام 1994، لا يمكن إيعازه إلى دعم النظام الجزائري لجبهة البوليساريو فقط، بل إن السبب الرئيسي يرجع إلى العداء الذي تكنّه الطبقة الحاكمة في الجائرة الشرقية للمغرب. وذهب أقصبي إلى القول، في ندوة نظمتها حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية فرع سلا، حول "التحولات الدولية والخيارات الإقليمية المتاحة أمام المغرب"، إن فهم سبب عداء النظام الجزائري للمغرب لا يقتضي استحضار العوامل التاريخية والاستعانة بآليات التحليل السياسي، بل يتطلب الاستعانة بالتحليل النفسي، على حد تعبيره. وأضاف الخبير: "المنطقة تعيش في مأزق إستراتيجي حقيقي وتعيش عصرا جليديا، ولا يمكن أن نصدق أن سبب إغلاق الحدود بين البلدين قبل أزيد من خمس وعشرين سنة هو موضوع تقرير المصير في الصحراء، بل إن المشكلَ بنيوي قائم على عداء عميق إزاء المغرب متجذر في أحشاء النظام الجزائري". واستطرد الخبير الاقتصادي المغربي: "تتغير الحكومات والرؤساء في الجزائر ولكن الموقف الذي يتبناه النظام والطبقة السياسية والعسكرية التي تتحكم في البلد لا يتغير. ولكي نفهم كيف تفكر هذه الطبقة ينبغي الاستعانة بآليات علم النفس وليس فقط آليات التحليل السياسي". وفيما لا يلوح أي أمل لطي صفحة "العداء" الجزائري للمغرب، اعتبر أقصبي أن الحراك الشعبي الذي تشهده الجارة الشرقية منذ شهور هو المحور الرئيسي الذي يمكن أن يؤدّي إلى تغيير في موقف الماسكين بزمام الأمور في الجزائر، أو الإبقاء على موقف النظام الجزائري جامدا، في حال فشل الحراك في إحداث تغيير سياسي كبير. من جهة ثانية، قال الخبير الاقتصادي المغربي إن أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد عرّت مجموعة من الحقائق والأوهام، وفي مقدمتها دعوة السياسيين إلى تراجع الدولة عن تقديم الخدمات العمومية للمواطنين، كالصحة والتعليم، مثلما نادى بذلك رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران. وتابع أقصبي: "حين كنا ننادي بضرورة إبقاء رعاية الدولة للخدمات العمومية كان هناك ما يعتبر كلامنا فارغا. وجاءت كورونا لتجعل هؤلاء يتوجهون إلى الدولة، وأصبحنا نرى الجميع يطلب من الدولة أن تحل المشاكل التي خلفتها الأزمة". وشدد المتحدث ذاته على أن الأزمة الحالية "أظهرت أن هناك حاجة ماسة إلى الدولة، لأن هناك حاجة إلى الخدمات العمومية، مثل الصحة العمومية والتعليم والمرافق الحيوية والخدمات العمومية". وبخصوص الخيارات المتاحة أمام المغرب على الصعيد الخارجي، قال أقصبي إن من مصلحة المملكة أن تطور علاقاتها، على الصعيد التجاري والسياحي، مع الصين، باعتبارها قطبا رئيسيا، ومع باقي القوى الصاعدة، مثل روسيا، والخروج من خندق مركزة العلاقات مع أوروبا؛ لكنه استدرك بأن أوروبا ستحافظ على مكانتها المتميزة مع المغرب.