في أول بحث حول حصيلة التعليم الجامعي عن بعد، في فترة الحجر الصحي، هو الأكبر من نوعه من حيث عيّنة الطلاب والأساتذة الذين شملهم، كشفت دراسة أنجزتها جامعة محمد الخامس بالرباط، عبر استطلاعيْن متوازيين، أن حوالي 71 في المائة من الطلبة و84 في المائة من الأساتذة المستجوبين راضون عن هذه التجربة التي حتّمت خوضها جائحةُ كورونا. وأظهرت الدراسة التي تم إنجازها من طرف جامعة محمد الخامس بالرباط، على عيّنة متكونة من 8355 طالبة وطالبا، يدرسون بالمؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح والمحدود، و571 أستاذة وأستاذا، أن حوالي 71 في المائة من الطلبة أبدوا رضاهم عن تجربة التعليم عن بعد، بنسب متفاوتة، فيما عبّر 29 في المائة عن عدم رضاهم. وتختلف نسبة قياس مستوى رضا الأساتذة عن تجربة التعليم عن بعد عن النسبة المسجلة في أوساط الطلبة، إذ بلغت نسبة الأساتذة، المدرّسين بالمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح والمحدود، الذين عبروا عن رضا نسبي بخصوص عملية التعليم عن بعد، 84 في المائة، فيما أبدى 16 في المائة منهم عدم رضاهم عنها. واضطرّت الوزارة الوصية على قطاع التربية والتعليم إلى الاستعانة بتقنية التعليم عن بُعد لضمان الاستمرارية البيداغوجية، إثر إعلان تعليق الدراسة يوم 16 مارس، كإجراء ضمن التدابير المتخذة للحد من تفشي وباء كورونا، واتّضح أن الجامعة المغربية متأخرة في هذا المجال، رغم مخططات رقمنة المؤسسات التعليمية التي وُضعت منذ سنوات. هذا المعطى تؤكده مؤشرات الدراسة التي أعدتها جامعة محمد الخامس بالرباط، إذ أفاد أكثر من 70 في المائة من الطلبة المبحوثين بأنهم لم يسبق لهم استعمال تقنيات التعلم عن بعد، ما نتجت عنه، وفق ما جاء في الدراسة، صعوبةٌ في التكيف مع نمط التعلّم المعتمد في فترة الحجر الصحي. ويتّضح جليا أن الطلبة والأساتذة سواسية بنسبة متقاربة جدا في عدم إلمامهم بتقنيات التعليم عن بعد، بل إن الأساتذة هم الأكثر "جهلا" بعوالم هذه العملية التي أصبحت تعتمدها كثير من الجامعات العالمية خلال السنوات الأخيرة، إذ أكد 72 في المائة من الأساتذة الذين شملهم الاستطلاع عدم استخدامهم التعليم عن بعد قبل هذه الفترة. ويظهر من نتائج الدراسة كذلك أن أغلبية الأساتذة دبّروا عملية التعليم عن بُعد بناء على اجتهادهم الشخصي، إذ لم تتعدّ نسبة الذين صرحوا منهم باستفادتهم من مواكبة عن بعد في ما يتعلق باستعمال الأدوات والمنصات المُعدّة لهذا النمط من التعليم 24 في المائة فقط. أما الأساتذة الذين استفادوا من مواكبةٍ من طرف المؤسسات الجامعية التي يدرّسون بها، وذلك عبر تسجيل دروسهم عن طريق تقنية الفيديو، فلم تتعدّ نسبتهم 34 في المائة؛ وفي المقابل أكد زهاء 90 في المائة منهم ولوجهم إلى أدوات العمل الضرورية للتعليم عن بعد، مثل البريد الإلكتروني المؤسساتي، والمنصات الرقمية المؤسساتية، وأدوات تسهّل عملية الاتصال بالطلبة... وبخصوص المنصات المستعملة في التعليم عن بعد، صرّح أكثر من 90 في المائة من الطلبة بأن المنصات الثلاث التي وضعتها جامعة محمد الخامس رهن إشارتهم، وهي G-Suite و MoodleوMicrosoft، سهلة الاستخدام، لكنّ زهاء 30 في المائة منهم اعتبروا أن استخدام هذه المنصات "صعب جدا". وفي ما يتعلق بوتيرة استخدام قنوات التعليم عن بعد، أظهرت الدراسة أن 70 في المائة من الطلاب الذين شملهم الاستطلاع يطّلعون بانتظام على المواد البيداغوجية الموضوعة من طرف الأساتذة خلال فترة استمرارية التدريس عن بعد؛ فيما صرح 26.64 في المائة منهم بأنهم نادرا ما يطلعون عليها، وأكد 3.94 في المائة منهم عدم الاطلاع عليها نهائيا. ويبدو أن الظرفية التي يمر منها المغرب حاليا، كما هو حال باقي بلدان العالم، جعلت الأساتذة مقتنعين بضرورة الاستعانة بالتعليم عن بعد لتطوير العرض البيداغوجي المقدم للطلبة، إذ أكد أكثر من 80 في المائة من الأساتذة الذين شملتهم الدراسة أن هذا النمط من التعليم يمكن أن يشكّل مكمّلا للتعليم الحضوري. وعبّر 87 في المائة من الأساتذة المستجوبين عن عزمهم اعتماد نمط التعليم عن بعد إلى جانب التدريس الحضوري مستقبلا، كما عبر 75 في المائة منهم عن رغبتهم في الاستفادة من دورات تدريب ومواكبة بخصوص استخدام منصات التعليم عن بعد.