بعد توجيهات رئيس الحكومة للإدارات والمؤسسات العمومية الخاضعة لوصاية الدولة من أجل التقشف وترشيد النفقات وتوجيه الموارد المتاحة نحو الأولويات التي يفرضها تدبير الأزمة المرتبطة بانتشار وباء كورونا ببلادنا، طالب فاعلون بضرورة إعادة النظر في سياسة الحكومة تجاه تدبير حظيرة سيارات الدولة التي تكلف أموالاً طائلة كل سنة. وكان منشور صادر عن رئيس الحكومة، دخل حيز التنفيذ الثلاثاء 14 أبريل 2020، طالب جميع الإدارات الخاضعة لوصاية الدولة بتقليص أو إلغاء النفقات غير الضرورية، من قبيل نفقات النقل والتنقل، وتدبير حظيرة السيارات، وكراء وتهييئ المقرات وتأثيثها، وتنظيم الندوات والمؤتمرات. وتساءل محمد حركات، أستاذ المالية العامة خبير في الحكامة بجامعة محمد الخامس بالرباط، عن مصير "إمْ روجْ" وأسطول سيارات الدولة الأخرى في زمن الأزمة والاستدانة الخارجية، وعن جواز استمرار تكبد ميزانية الدولة هذه النفقات كلها وهي تلجأ الى الاستدانة الخارجية لضمان التزاماتها وتعاني من عجز مهول في مجال الصحة والتعليم. ويرى حركات أنه حان الوقت للاستغناء عن حظيرة سيارات الدولة إلا للضرورة، مع الحرص الشديد على ترشيد استعمالها وفق مبادئ النجاعة والأداء، مشيرا إلى ضرورة "تغيير سلوك وعقليات التبذير لدى بعض مسؤولي الدولة زمن الأزمة والتقشف الذين يعتقدون أن الارتقاء الاجتماعي/خدمة الدولة، يعني الاستفادة من ريع سيارة الدولة والسكن الوظيفي والتعويضات والدرجة الأولى في التنقل والإيواء والإطعام، والحصانة". ووفق معطيات الشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجستية لسنة 2019، فإن مكونات حظيرة سيارات الدولة المحصورة في 152.957 سيارة، والموضوعة رهن إشارة الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، كلفت مصاريف محروقاتها فقط 100 مليار سنتيم. وتتصدر الإدارات العمومية القائمة من حيث عدد سيارات الدولة ب 91927 سيارة، تليها الجماعات الترابية ب 42647 سيارة، ثم المؤسسات العمومية ب 18383 سيارة. كما اقتنت الدولة 835 سيارة لفائدة المسؤولين والمنتخبين بقيمة 170 مليون درهم، وبلغ عدد بطاقات المرور عبر الطريق السيار و"TAGS" المسلمة لفائدة مسؤولي الدولة 74110. كما جرى بيع 4200 سيارة من أسطول سيارات الدولة بمبلغ 60 مليون درهم. وبلغت مصاريف إصلاح سيارات مسؤولي الدولة السنة الماضية 480 مليون درهم، حسب الشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجستيكية. وأوضح حركات، في مقال بعث به لهسبريس، أن أجهزة الرقابة العليا والمفتشيات المالية "لم تقدم بعد تقارير مفصلة شاملة ومانعة حول تدبير حظيرة السيارات ضمن ميزانية الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وآثارها المختلفة المركبة، سواء على شفافية المالية العامة أو البيئة أو على سيكولوجية المواطن المكلف بالضرائب، ومدى مساهمتها في ترسيخ اللامساواة بين المواطنين (في التنقل)، كما يضمنها الدستور، وما تثيره من احتقان اجتماعي كبير لدى الرأي العام الوطني". "كما لم تُقدم في هذا الشأن دراسات مقارنة حول تدبير هذه السيارات في البلدان المتقدمة، ناهيك عن المساءلة الشاملة حول الصفقات والميزانية المرتبطة بالصيانة والتأمين وتدبير المحروقات. وكذا استمرار استغلالها خلال أيام العطل وسط صمت حكومي رهيب"، يورد الأستاذ حركات، وهو رئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والحكام.