حتى الآن، بدا أن الأوبئة التي ضربت البشرية سابقًا كانت أكثر خطورة من كوفيد-19، مثل الأنفلونزا الإسبانية التي قتلت ما يقرب من 50 مليون شخص عامي 1918 و1919، وكذلك الطاعون الأسود الذي عرفته أوروبا في العصور الوسطى والذي قتل ما لا يقل عن 25 مليون. على الرغم من هذا، قد تكون الآثار الاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا أكبر بسبب عدة عوامل، ولا سيما العولمة. اليوم، لا يمكن لأحد أن يقول إلى متى ستستمر جائحة كوفيد-19. ولكن المؤكد هو أنه عندما سينتهي الوباء، لن يبقى العالم كما هو. التأثيرات الاقتصادية والنفسية والاجتماعية ستكون كبيرة وعميقة. لكن لا يوجد شيء مؤكد مع فيروس كورونا، فمن المستحيل معرفة ما سيحدث غدا، رغم ذلك من الممكن تخيل سيناريوهات للمستقبل وبشكل بناء: 1. العودة إلى العزلة مع كوفيد-19، تتزايد الدعوات إلى تبني سياسات حمائية وسياسات أكثر تقييدًا للهجرة والتأشيرات. بهذه الطريقة، فإن المسافة مع أولئك الذين لا يشبهوننا ستتسع أكثر فأكثر. فلمواجهة هذا الوباء، فرضت العديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم قيودًا شديدة لم يسبق لها مثيل منذ عقود على الأشخاص والمنتوجات. بالنسبة للشركات، فإن احتمالية فرض قيود حدودية أكثر صرامة، وتفضيل متزايد للمنتجات والخدمات المحلية على المنتجات والخدمات المستوردة، والحاجة إلى المرونة في سلاسل التوريد (chaines d'approvisionnement)، وربما مقاومة متجددة للعولمة كلها عواقب محتملة للتدابير التي يتم اتخاذها للتعامل مع فيروس كورونا. محاربة الفيروس يُمكن كذلك أن تُغيّر نظرتنا للآخر. فالوجود مع أشخاصٍ آخرين خصوصا داخل مكانٍ مُغلق، قد يشكل مُخاطرةٍ كبيرة. لكن سيختلف هذا الوعي من شخصٍ إلى آخر. ربما يتحوّل الإحجام عن المصافحة إلى جزء من طبيعتنا. وربما نجد أن راحة الوجود مع الآخرين قد حلّت محلها راحةٌ أكبر في الغياب عنهم، خاصةً مع الأشخاص الذين لا نعرفهم عن قرب. وسنتوقّف عن طرح سؤال "هل هناك ضرورة لرؤيته شخصيا؟"، لنسأل: "هل يمكن فعل ذلك عبر الإنترنت؟". وإن كان غير مقصود، فإنّ الأشخاص الذين لا يمتلكون اتصالاً بالإنترنت سيصيرون أكثر عزلة، وستكبر معضلة التواصل عبر الإنترنت: إذ ستخلق مسافات أكثر وتواصلاً أكبر في الوقت ذاته، لأنّنا سنتواصل أكثر مع أشخاصٍ بعيدين عنا، وسنشعر بأمانٍ أكبر، نتيجة تلك المسافة. 2. مرونة أكثر (plus de résilience) حتى عندما تبدأ القيود في التراجع، سيتعين على الشركات إيجاد طرق جديدة للعمل. وباختصار، فإن المرونة - القدرة على امتصاص الصدمة والتعامل بشكل أفضل من المنافسة - ستكون المفتاح الرئيسي لبقائهم وازدهارهم على المدى الطويل. مع كوفيد-19، سيتعين على العديد من الشركات إعادة التفكير في نموذجها الاقتصادي. فقد وجدت بعض الشركات نفسها عرضة للخطر لأنها لم تعد قادرة على الحصول على الموارد التي تحتاجها محليًا. لهذى يجب عليها إعادة النظر في سلاسل التوريد الخاصة بها، والقائمة على المخزون في الوقت المناسب (juste à temps) والتوريدات المشتتة. وبسبب هذا من المرجح أن يجد المستثمرون طرقًا جديدة لإدماج المرونة في تقييماتهم وبشكل أكثر منهجية. في أوقات الأزمات، مثل الأوبئة، من المرجح أن يتسع الضغط لإدراج العوامل البيئية والاجتماعية وعوامل الحَوْكَمَة (gouvernance) في تقييم الأعمال لدمج المرونة. ستراجع العديد من الشركات أولوياتها، بحيث تصبح المرونة، في جميع مظاهرها، بنفس أهمية التكلفة والكفاءة، في تفكيرها الاستراتيجي. 3. انتشار مظاهر الاقتصاد الرقمي تحولات كثيرة من المقرر أن يحدثها فيروس كورونا المستجد الذي يضرب العديد من دول العالم، حيث سيكون لهذا الفيروس وسرعة انتشاره بشكل كبير تحولات في ثلاثة مجالات، على وجه الخصوص، التجارة الإلكترونية (commerce électronique) والتطبيب عن بُعد (télémédecine) والعمل عن بُعد (télétravail). ذكر خبراء في ألمانيا أن أزمة وباء كورونا ستتسبب في تغيير عادات الشراء على الدوام. حيث يساهم فيروس كورونا في زيادة وتيرة إقبال المستهلكين القلقين إلى التسوق عبر الإنترنت، على غرار الطريقة التي غير بها انتشار مرض "سارس" عام 2003 عادات التسوق حيث تجنب المتسوقون التبضع من المراكز التجارية لفترة غير قصيرة. حسب كاي هوديتس، المدير التنفيذي لمعهد الأبحاث التجارية الألماني "آي إف إتش": "من المتوقع أن يستفيد قطاع التجارة الإلكترونية على المدى الطويل من هذه الأزمة"، مضيفاً أنه حتى عندما تنتهي أزمة كورونا، ستواصل التجارة الإلكترونية نشاطها بشكل أكبر مما كانت عليه قبل الأزمة. من جهة أخرى ذكر خبير التجارة الإلكترونية في معهد نيرراين، جيريت هاينمان أن فيروس كورونا لا يعني نهاية تجارة التجزئة التقليدية، وقال: "لكن الأزمة ستكون بمثابة حافز يسرع من إنهاء نشاط الكثير من التجّار الذين ليس لديهم تواجد إلكتروني". في أوروبا أوائل أبريل، قال 13٪ من المستهلكين إنهم يخططون لزيارة مواقع التسوق عبر الإنترنت للمرة الأولى. في إيطاليا، ارتفعت معاملات التجارة الإلكترونية بنسبة 81٪ منذ نهاية فبراير. وفقا لدراسة حول التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا، نشرته مؤسسة بروكينغز، فانه من المتوقع أن تشهد العديد من البلدان تغييرات واضحة في مجال الرعاية الصحية، حيث سيتم اللجوء إلى إجراء المزيد من الفحوصات والمعاملات الصحية الأولية، عبر الإنترنت للحد من الازدحام وتجنب خطر التلوث أو العدوى في غرف الانتظار ومن أجل مراقبة المرضى عن بعد. إنها ممارسات طبية تتم عن بعد باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وفقًا للقانون المغربي رقم 131-13، الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2015، تنقسم هذه الممارسة إلى خمس فئات: الاستشارات عن بُعد، والخبرة عن بُعد، والمراقبة عن بُعد، والمراقبة الطبية عن بُعد، والتنظيم الطبي. على سبيل المثال، منصةDabaDoc، التي تقدم حلولًا لإدارة المواعد، ومنصة "avis médical"، التي تخبر وتدعم المستخدمين بآراء من أطباء رسميين، دون إصدار أي تشخيص أو وصفة طبية. كما نستشهد بالتطبيق المغربي "Hayat Santé" الذي يسمح للمرضى بالدردشة لبضع ثوان عبر الفيديو مع طبيب. بسبب فيروس كورونا سيتم إعادة تعريف الوظائف أيضًا لجعلها أكثر أمانًا. في هذا المنظور، سيتم تعزيز دور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. في الواقع، ولفترة طويلة، يدعي معلمو التكنولوجيا أن مؤتمرات الفيديو وتطبيقات الدردشة ستقضي على معظم تنقلات العمل وتسمح للعديد من الأشخاص بالعمل أكثر في المنزل. ومع ذلك، حتى أزمة فيروس كورونا، استمر سفر الأعمال في التطور. سيقضي "كوفيد-19" على كثير من الحواجز البيروقراطية التي تحول دون انتقال حياتنا بشكلٍ أكبر إلى الإنترنت. ربما لا يمكن تأدية الوظائف كافة عن بُعد، لكن عديداً من الناس بدؤوا يُدركون أنّ الفرق بين الاضطرار إلى ارتداء رابطة عنق والتنقّل في المواصلات ساعةً كاملة والعمل بفاعلية من المنزل، لا يتطلّب سوى القدرة على تنزيل تطبيق أو اثنين والحصول على إذنٍ من المُدير. وبمجرد أن تدرس الشركات خطوات العمل عن بُعد، سيصير من الصعب والمُكلّف حرمان الموظفين من هذه الخيارات. وبعبارةٍ أخرى، سيتبيّن أنّ البدائل التكنولوجية غالبًا ما تكون مثالية وأقل تكلفة أيضًا. 4. عودة إلى الدولة المتدخلة (État interventionniste) ومزيد من التحكم في الأعمال التجارية إن الرغبة في إعادة تعريف النظام البيئي للأعمال من أجل إدارة الأوبئة المحتملة يمكن أن تعطي دفعة إضافية لتدخل الدولة. في أوقات الطوارئ تكون الدولة الضامن الوحيد للاقتصاد. من الواضح أنّ أزمة كورونا ستقوي وضع الدولة، مقابل تقهقر النظام الليبرالي، وتعيد النظر في دورها الاقتصادي والاجتماعي. فيروس كورونا سيسرع من وتيرة الانتقال من الدولة الحارسة حيث القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للاقتصاد إلى الدولة المتدخلة التي دعا لها عالم الاقتصاد الإنجليزي جون مينارد كينز عقب أزمة 1929. العديد من الدول ستلجأ إلى حماية الاقتصاد الداخلي والتقليص من التوريد لمعالجة الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها النظام الليبرالي والنيوليبرالي، مما سيترتب عليه مكاسب ونمو أقل مقابل الاستقرار والتوزيع العادل للثروات. سيؤثر هذا الدور الجديد للدولة بشكل ملموس على الطريقة التي تتم بها الأعمال. حيث سيتعين على قادة الأعمال في العديد من القطاعات (الصحة، التربية والتعليم، الأمن الغذائي، الطاقة، السكن السليم والصناعة (…التكيف مع هذا المعيار الجديد. أحد أهم الأسئلة التي يجب طرحها في المستقبل هو كيف ستزيد الحكومة دورها الاقتصادي ومدى سرعة هذا التدخل. إن الوسائل التي تختارها الحكومات لخدمة أو إنقاذ الاقتصاد ستكون مختلفة. ستقوم بعض البلدان بتأميم الشركات بشكل مباشر، بينما ستأخذ دول أخرى حصصًا في أسهمها، وسيختار البعض الآخر تقديم المنح والقروض بينما يفضل البعض الآخر التدخل من خلال القوانين والتشريعات. قبل فيروس كورونا، كان هناك شعور متزايد بأن القيمة المالية لا ينبغي أن تكون القيمة الوحيدة للشركة. لهذا الغرض، تم تعميم مصطلح "الحصيلة الثلاثية"، التي تسمى أيضًا"triple P"، للأشخاص، الكوكب، الربح (Personne -Planète - Profit). يتكون هذا الأداء الثلاثي، أو خط القاع الثلاثي(Triple bottom line TBL) ، من مراعاة ليس فقط القيمة المالية، ولكن أيضًا القيمة الاجتماعية والقيمة البيئية للشركة. إن الجهود المبذولة للخروج من أزمة الفيروسات التاجية سيكون لها بالتأكيد تأثيرات حقيقية على العلاقات بين الحكومة وعالم الأعمال من ناحية، وبين عالم الأعمال والمجتمع من ناحية أخرى. يمكن أن يتجلى هذا في شكل قوانين وتنظيمات، لا سيما في ما يتعلق بالصحة والسلامة والبيئة ودور كل منهم مما يسهم في تكامل الأدوار لما فيه مصلحة العمل. وبما أن الفيروس التاجي يفضح الواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلدان ويزيد من الوعي بالمشكلات الاجتماعية، فإنه يتعين على الشركات إظهار روحهم الوطنية والمشاركة في البحث عن حلول مستدامة. 5. المراقبة الوثيقة للمواطنين مع فيروس كورونا، نشهد تطبيعًا واسعا مع تقنيات المعلومات الجديدة (الهواتف الذكية، والتطبيقات المحمولة، وكاميرات التعرف على الوجه، وما إلى ذلك). حتى الآن، توجد العديد من التطبيقات المخصصة لفيروس Coronavirus مع خدمات مختلفة. في المغرب مثلا يوجد Covidom، الذي يسمح بتتبع مرضى كوفيد-19 عن بُعد في المنزل، وCoughVid، الذي يقوم بتسجيل السعال وتحليله لتحديد ما إذا كان لديك فيروس تاجي أم لا. تم كذلك إطلاق قناع ذكي يسمى MIDAD وتطبيق (Trackorona) للهواتف المحمولة. يتم توصيل القناع عبر البلوتوث بالتطبيق الذي يتتبع حركات المستخدمين للكشف عن مستوى احترامهم للعزل الصحي والابتعاد الاجتماعي. كما تتيح التكنولوجيا مراقبة الجميع ومعاقبة من يخالف القواعد. الصين هي الدولة التي استخدمت أدوات المراقبة الجماعية هذه أكثر من غيرها. حتى بعد الإصابة بالفيروس التاجي، قد تجادل الدول المتعطشة للسلطة بأن هناك حاجة للحفاظ على أنظمة المراقبة خوفًا من موجة ثانية من الفيروس. لأنه إذا طلبنا من الأشخاص الاختيار بين احترام الخصوصية والصحة، فسيختارون بالتأكيد الصحة. التكنولوجيا يمكنها مراقبتنا والتنبؤ بمشاعرنا والتلاعب بها بشكل خاص لبيعنا أي شيء. هذه الممارسة سيئة بالطبع، لكن التاريخ يخبرنا أن الدول لا تتخلى أبداً عن أرض تم احتلالها من قبل. وبالتالي فإن جائحة Covid-19 هي اختبار المواطنة لذا بعض الدول. وبهذا المعنى، يجب أن نفكر في هذه الأدوات ليس بمعنى التلاعب بالناس بل لاستعادة ثقتهم والرفع من قدراتهم. 6. تطورات في سلاسل التوريد وسلوك المستهلك وهياكل السوق أحد الأسئلة الرئيسية التي تواجه قادة الأعمال هذه الأيام هي ما إذا كانت صناعتهم ستتعافى من الصدمة الاقتصادية من Covid-19 أو ستعاني من ضرر دائم، ربما يكمن الجواب على هذا السؤال من خلال تقييم درجة ضعف الصناعات. لهذا يمكن للوباء أن يعيد تشكيل خريطة سلاسل التوريد العالمية. في هذا السياق، يقول دامبيسا مويو: "ستخلق جائحة فيروس كورونا ضغطاً أكبر على الشركات للموازنة بين كفاءة وتكاليف/مزايا منظومة سلاسل التوريد العالمية، وقوة سلسلة التوريد المحلية. إذ إنّ التحوّل إلى سلسلة توريد محلية أكثر قوة سيُقلّل الاعتماد على منظومة الإمدادات العالمية المُتصدّعة بشكلٍ مُتزايد. وفي حين أن ذلك سيضمن حصول الناس على السلع التي يحتاجونها، لكن هذا التحوّل سيزيد على الأرجح، من التكاليف على الشركات والمستهلكين". إن حقيقة كون الصين موردًا حصريًا تقريبًا لبعض المكونات الإلكترونية في جميع القطاعات يشكل خطرًا على السلاسل بأكملها. لهذا من المحتمل أن تتمثل استراتيجية بعض الشركات في تنويع إمداداتها. يتطور الوباء بسرعة، مما سيؤدي إلى تغييرات دائمة في مواقف المستهلكين. سيكون التأثير النفسي والاجتماعي واضحًا وكبيرًا وقد يستمر لشهور أو حتى سنوات. سلامة الأسرة والصحة العامة ستكون هي الشواغل الرئيسية. لهذا السبب شهدنا في بداية الأزمة جنوناً على الضروريات الأساسية مثل المنتجات الغذائية. من جهة أخرى، سيقضي المواطنون مزيدًا من الوقت في مشاهدة البرامج التلفزيونية ويصبحون مهتمين بالحصول على المعلومات في وقتها الحقيقي والأخبار عبر الإنترنت، مع انخفاض استهلاك الأخبار المطبوعة في جميع المجالات. قد يغير كذلك بعض المستهلكين موقفهم تجاه مشاركة واستخدام بياناتهم الشخصية إذا أمكن إثبات أن استخدام هذه البيانات أثناء الأزمة ساعد على حماية الأرواح. من جهة أخرى، وبالنسبة إلى جيل الألفية (Milléniale) والجيل زد(Génération Z)، تمثل هذه الأزمة أكبر مشكلة واجهتهم في حياتهم، مما سيغير بعمق من مواقفهم وسلوكياتهم. قد يؤدي عدم اليقين بشأن المستقبل إلى تغيير الطريقة التي تتعامل بها هذه الأجيال مع الأمن المالي، توفير المزيد وإنفاق أقل، وكيفية استغلال أوقات الفراغ. ومن المنطقي أيضًا أن نتساءل عما إذا كان سيتم الحفاظ على المراكز الحالية للشركات في أسواقها التقليدية دون بذل جهد كبير لإعادة التموضع والاستجابة للتغيرات التي تواجهها ككل. ففي سياق Covid-19 ، ستضطر الشركات إلى إيجاد طرق جديدة ومستدامة للتعاون في ما بينها، مدفوعة بالتغييرات التنظيمية والقانونية، للتعامل مع الأزمة الحالية والنجاح بعد الأزمة. يمكن تحقيق ذلك من خلال المشاركة المفتوحة والمتواضعة للمعلومات، وتوحيد الجهد من اجل الإنتاج والتوزيع معًا وإضفاء الطابع الإنساني على سلاسل الإنتاج. المفكر الفرنسي يتحدث عن الاقتصاد التسلح بالقيم الإنسانية الإيجابية مثل التعاطف والتكافل والتضامن. فقط أولئك الذين يمكن أن يظهروا أكثر التعاطف مع الآخرين سيعيشون في المستقبل. 7. الإيجابية والتفاؤل واغتنام الفرص يخبرنا التاريخ أيضًا أن الأوبئة يمكن أن تحدث تغييرات إيجابية عميقة في المجتمعات وعلى جميع المستويات. فقد أدى الطاعون، الذي قيل إنه قتل ثلث السكان الأوروبيين، إلى تطوير القطاع الزراعي والدفع من أجل دور أكبر للمرأة بسبب انخفاض القوى العاملة المتاحة. وقد أدى ذلك أيضًا إلى استخدام الفحم كمصدر للطاقة على نطاق أوسع، والذي مهد الطريق للثورة الصناعية. إذا كانت الضرورة هي أم الاختراع - وغالبًا ما تكون كذلك - فإن أزمة الفيروس التاجي يمكن أن يكون لها أيضًا آثار إيجابية. يمكن للوباء أن يحفز الناس على تجربة أشياء لم يعتادوا عليها من قبل. في سياق أزمة كورونا يتعلم الأفراد والمجتمعات والشركات والحكومات طرقًا جديدة للاتصال حيث لا يوجد شخص لم يجرب استخدام Microsoft Teams أو Google Classeroom أ Zoom أو Skype. هذه الممارسات قد تستمر طويلا، مما يسمح بإدارة أفضل ومرونة أكبر، والتي يمكن أن تكون مفيدة بشكل خاص لكثير من الناس. لهذا يحتاج قادة الأعمال إلى رؤية Covid-19 كمصدر للإلهام والابتكار. سيجدون طرقًا للعمل بشكل أفضل وأبسط وأسرع وبأقل تكلفة. يجب أن تؤدي الضرورة الملحة لمكافحة Covid-19 إلى استكشاف فرص إعادة بناء المستقبل وليس حل مشاكل الماضي. من هذا المنظور، سيكون التفاؤل والشجاعة صفاتين ضروريتين أكثر من أي وقت مضى لاتخاذ قرارات شجاعة ستشكل حتماً مستقبلنا. * أستاذ باحث وعضو بفريق البحث في اقتصاديات التنمية بجامعة ابن زهر