يتمدّد فيروس كورونا المستجد رويداً رويداً في أدغال القارة الإفريقية، مخلّفاً تداعيات جمّة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي نتيجة ضعف البنيات الصحية وأنظمة الحماية الاجتماعية في جلّ بلدان القارة، ويزداد تهديده أكثر مع توالي حالات الإصابة به. مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، المتخصّصة في شؤون الأمن، لفتت الانتباه إلى الخطر المُحدق ببلدان القارة الإفريقية، منبهة إلى أن دول القارة، من المغرب إلى مالاوي، تواجه أزمة صحية غير مسبوقة وصدمة اقتصادية ستكون تداعياتها طويلة الأمد في المستقبل. ومع تسجيل معظم الدول الإفريقية إصابات بفيروس "كورونا" المستجد، فالأكيد أن العواقب ستكون وخيمة على اقتصاداتها، وفق المجلة الأمريكية، التي حذرت من تباطؤ النمو الاقتصادي في السنوات المقبلة، لا سيما لدى البلدان التي تتوفر على بنيات تحتية ضعيفة في قطاع الصحة. وأوردت المجلة المتخصصة في الشؤون العسكرية والاستراتيجية أن الدول المعتمدة على الإيرادات السياحية تواجه ضررًا اقتصاديا ضخمًا، بالنظر إلى أن قرابة 67 مليون سائح أجنبي زاروا "القارة السمراء" خلال 2018، مؤكدة أن المغرب والرأس الأخضر والسيشل وموريشيوس هي البلدان الأكثر تأثرًّا بتداعيات تفشي الوباء. كما أن الدول الإفريقية التي تعتمد على نظام التجارة الدولية تواجه أفقا غامضًا في المستقبل القريب، حيث أرخى الفيروس العالمي بظلاله بالفعل على كل من نيجيرياوأنغولا، نتيجة انهيار أسعار النفط في السوق الدولية، فضلا عن تضرّر البلدان التي تعتمد على الصين في معاملاتها التجارية، لا سيما أنغولاوجنوب إفريقيا والكونغو وكينيا ورواندا. وساهم إغلاق الموانئ في عدد من البلدان الإفريقية في تعميق الشلل الاقتصادي، تبعاً للمقال التحليلي ب"فورين بوليسي"، حيث تعاني جنوب إفريقيا من التضخم الاقتصادي الذي بلغ أعلى مستوياته منذ 17 شهراً، بينما غانا تشهد ارتفاعا قياسياً في أسعار المنتوجات، خاصة السلع الاستهلاكية المستوردة من الصين. وتأثرت السوق المحلية الإفريقية بشكل كبير بتداعيات تفشي "كوفيد-19"، تضيف "فورين بوليسي"، التي أكدت أن الوباء يهدد الأنظمة الصحية الضعيفة في إفريقيا، لأنها غير متأهبة لمواجهة الأوبئة والكوارث، مبرزة أن بلداناً قليلة ستكون قادرة على تعميم اختبارات الكشف عن الفيروس الجديد. وتلوح أزمة الديون في الأفق لدى البلدان الهشة بفعل غياب الحكامة في تدبير الوضع الداخلي، لا سيما أن الأزمة الصحية القائمة تستدعي تعديل الميزانيات العمومية ورفع تكاليف العلاج، وفق المصدر عينه، الذي شدد على أن بعض الدول الإفريقية عاجزة عن احتواء الوباء، ما يستدعي تضافر الجهود لإنهاء حالة الطوارئ الصحية.