مُتتبعا خطوات يهود الشمال المغربي صوب بلدان أمريكا الجنوبية، يحاول كتاب "من تطوان إلى بيونيس أيرس.. ملحمة تاريخ الهجرة اليهودية المغربية إلى أمريكا اللاتينية"، وهو من منشورات مجلس الجالية، سبر أغوار تجربة التنقل الجماعي الذي خاضته عشرات العائلات صوب مستقرها الجديد. زكرياء بلكا، الباحث المغربي ومؤلف الكتاب، أوضح، مساء اليوم الثلاثاء، في لقاء بالمعرض الدولي للكتاب والنشر بالبيضاء، أن "اشتغاله على هذا الموضوع يعود بالدرجة الأولى إلى عمله بالقارة المذكورة"، مشيرا إلى "أمريكا الجنوبية تحتضن جالية برزت في مختلف المجالات". وأضاف بلكا، الذي تحدث برواق مجلس الجالية، أن "بلدان أمريكا اللاتينية شكلت محطة لاستقرار عديد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والدينية من أصول مغربية يهودية"، معترفا ب"احتفاظها بعلاقات جد وطيدة مع بلدها الأم، فهي متشبثة بالطبخ والعادات والتقاليد الوطنية". وأشار الكاتب المغربي إلى أن "أغلب أفراد الجالية تتوفر على جنسيات أجنبية؛ لكنها لا تفرط في وثائق ثبوت انتسابها إلى أرض المملكة"، مسجلا أن "من استقروا بالقارة البعيدة هم من الطبقة المتوسطة وأصحاب المهن الحرة الذين يتقنون اللغة الإسبانية، وكانت لهم علاقات مع الجار الإيبيري". وسجل بلكا أن كتابه موجه بالضرورة إلى "الرأي العام الأجنبي، بحكم أن المغاربة يعرفون عن كثب روافد الثقافة الوطنية، والمساهمة المهمة للعنصر اليهودي ضمنها"، مؤكدا أن "الهجرة التي قام بها هؤلاء اليهود كانت مغامرة حقيقية"، مبديا أسفه من "غياب دراسات حول الموضوع". وأكمل المتحدث قائلا: "لا توجد ذاكرة تؤطر وتؤرخ للهجرة اليهودية المغربية صوب أمريكا الجنوبية"، مطالبا بضرورة "صيانة التاريخ والحفاظ عليه"، مستغربا من "عدم إدراج الموضوع ضمن المقررات الدراسية الوطنية، التي تعتمدها وزارة التعليم". وزاد بلكا: "الهجرة همت جميع المدن المغربية ليس فقط الشمال"، مشددا على أن "عقول الجالية مع المغرب، وما حصل شبيه باقتلاع شخص من وطنه الأم"، مثمنا رغبتها الدائمة في "زيارة البلد، على الرغم من غياب خطوط جوية مباشرة، كما أنها تتابع بشكل مستمر ترميم الأضرحة التي تهم ديانتها اليهودية".