أتربة والأزبال، باعة جائلون يزحفون، رويدا رويدا، على فضائها، مشردون جعلوها ملاذا آمنا لهم بالليل والنهار؛ ذلك هو حال حديقة موسكو الكائنة بمقاطعة سايس بمدينة فاس. الحديقة يعتريها الإهمال، ما أثار استياء ساكنة حيي "مونفلوري" والزهور، إذ شكلت متنفسها الوحيد منذ سنوات، كما عبرت عن ذلك سعيدة البدري، إحدى ربات البيوت المجاورة لهذه الحديقة، والتي قالت إن تحول مساحة مهمة منها إلى فضاء لبيع الألبسة المستعملة حرم الكثيرين من الاستفادة من هذا الفضاء الأخضر. متحدثة هسبريس أوضحت، وهي تعبر عن امتعاضها الشديد مما لحق حديقة موسكو من إهمال، أن النساء والأطفال أصبح يكتنفهم الخوف من ولوج ما تبقى من هذه الحديقة، خصوصا بعد أذان المغرب، بسب الظلام الدامس الذي يغطي أرجاءها، وحجب خيام الباعة الجائلين لأطرافها، واختيارها من طرف المشردين مكانا مفضلا. وأضافت سعيدة البدري: "نكتفي بمشاهدة هذه الحديقة من النوافذ ومن بعيد، متأسفين لحالها. لقد كانت تشكل ملتقى لنساء الحي وفضاء للتعارف في ما بينهن، ومكانا آمنا للعب الصغار الذين أصبح محكوما عليهم البقاء داخل البيوت؛ فمن خرج منهم للعب في الشارع يتهدده خطر دهس السيارات، كما وقع مؤخرا لأحد الأطفال، إذ أصيب في حادثة سير بجروح خطيرة حين كان يلعب قرب باب منزل أسرته". من جانبه، قال عبد الواحد التواتي، الفاعل المحلي بحي الزهور المجاور لحديقة موسكو، إن هذه الحديقة تتعرض لزحف الباعة الجائلين للملابس المستعملة، ولا من يحرك ساكنا، مطالبا بالتدخل لإعادة إيواء شخص مشرد أقام "براكة" من "الكارطون" والألواح الخشبية، منذ أزيد من عامين، وسط الحديقة المذكورة، وإجلائه إلى أحد المركز الاجتماعية. "هذا هو المتنفس الوحيد لحي الزهور ومونفلوري 1، لكن غزته للأسف الأزبال وزحف عليه "الفرّاشة"؛ فنصف مساحة الحديقة أصبح مستغلا من طرف الباعة الجائلين"، يردف عبد الواحد التواتي، مشيرا إلى أن موضوع حديقة موسكو يعد حديث الساعة بالنسبة للساكنة المحلية، "ولكن ليس بوسعها فعل أي شيء". الفاعل الجمعوي ذاته أشار إلى أن السلطات المحلية الحالية ورثت ملف إعادة إيواء الباعة الجائلين الثقيل من سلفها، ووجدت نفسها أمام قائمة مبالغ فيها تضم حوالي 600 بائع، مبرزا أنه، فضلا عن "استعمار" الباعة الجائلين لحديقة موسكو، اختار عدد منهم الإنزال بنقط أخرى مجاورة قادمين إليها من مختلف أحياء مدينة فاس، وذلك بعد علمهم بوجود مشروع لسوق نموذجي لإعادة الإيواء بحي الزهور. وأضاف متحدث هسبريس: "هناك سوقان لإعادة إيواء الباعة الجائلين المتواجدين بحديقة موسكو وباقي الأسواق العشوائية بحي مونفلوري والزهور، بطاقة استيعابية تناهز 380 مستفيدا، والسؤال المطروح هو إلى أين سيذهب باقي "الفراشة"؟". وبينما حمل من استطلعت الجريدة آراءهم حول واقع حديقة موسكو المسؤولية عما يطالها من إهمال لمجلس مقاطعة سايس، التي يتبع لنفوذها الترابي هذا الفضاء الأخضر، قال سعيد بنحميدة، رئيس مجلس المقاطعة المذكورة، في تصريح مقتضب أدلى به للجريدة، إن هناك برنامجا لتأهيل هذه الحديقة، وإعادة الاعتبار إليها. وأضاف بنحميدة، الذي يشغل، أيضا، منصب النائب الأول لعمدة مدينة فاس عن حزب العدالة والتنمية، أن مقاطعته في انتظار إفراغ محيط الحديقة من الباعة الجائلين عبر إعادة إيوائهم في أسواق نموذجية، وذلك حتى يتسنى لها الشروع في إعمال برنامج التأهيل على أرض الواقع.