اهتمام حثِيث في الصُحف الدولية باقتناء القوات الجوية الجزائرية للمقاتلات الشبح من طراز "SU-57" من لدن الشركة المُصنّعة "سُوخوي"؛ فبعدما أعلن الموقع المتخصّص في الإنتاج العسكري "مينا ديفانس" عن الطلبية الجزائرية، سلّطت المواقع التي تنشط في الصناعة الحربية الضوء على الصفقة سالفة الذكر. ويمكن تقسيم التناول الدولي لطَلبية الجيش الجزائري إلى موقفين؛ أحدهما يرى أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد محادثات لشراء طائرات "سوخوي 57"، مبرّرا ذلك بأنها مازالت قيد التصنيع ولم تُبرَم أي عقود أجنبية في هذا الشأن، في والآخر يرى أن الجزائر وقعت سلفاً على العقد الذي بموجبه ستحصل على الطائرات بدءا من 2020. مقاتلة "SU-57"، التي تروم عبرها روسيا منافسة نظيرتها الأمريكية "F-35"، تخضع لاختبارات ما قبل الإنتاج وتقييم قدرتها القتالية، حسب ما نشرته الشركة المُصنّعة، حيث تحطّمت أول نسخة تجارية ل "سو-57" خلال مهمة تجريبية قبل أسبوع بسبب خلل تقني في المحرك؛ ما يعني أنها ما تزال قيد التجريب، ولم تشرع الشركة بعد في تصنيعها. وتُشير بيانات وزارة الدفاع الروسية إلى أن سلاح الجو الروسي طلب تصنيع 76 طائرة من طراز "سوخوي 57" بحلول عام 2028، لكن الشركة ستشرع في عملية التصنيع بدءا من منتصف 2020، حيث تُكلّف الطائرة الواحدة ما قدره 40 مليون دولار، مشيرة إلى أن الجزائروتركيا والصين والهند مهتمّة باقتناء هذه المقاتلات. مقاتلة مثيرة للجدل لم تُشر شركة "سوخوي" إلى أي صفقة رسمية مع الجزائر بشأن ما يتم تداوله في المواقع العسكرية الدولية، التي ذهب بعضها إلى القول إن الجنرال حميد بومعيزة (قائد القوات الجوية) عايَن المقاتلة الشبح الجديدة خلال زيارته إلى معرض "ماكس" الدولي في روسيا، ليُعرب لاحقا عن رغبته في شرائها. في مقابل ذلك، يرى خبراء عسكريون في تحليلات نُشرت بمركز "ناشيونال إنترست" الأمريكي، أن تصميم "SU-57" غير مكتمل بشكل يسمح بإنشاء خط إنتاج لهذه المقاتلات، مبرزين أنها تفتقد لأنظمة القتال الرئيسية، مُرجعين التعطل إلى أسباب تقنية تتعلق بمكونات الطائرة الشبح. وبحسب ما أعلن عنه موقع "مينا ديفانس"، فإن الجيش الجزائري وقع عقدا جديدا سيقتني بموجبه 14 مقاتلة شبحا من طراز "سوخوي 57"، فضلا عن التعاقد أيضا على تزويده ب 14 قاذفة من طراز "سوخوي 34"، و14 طائرة أخرى من طراز "سوخوي 35"، سيتم الشروع في تسليمها بدءا من 2020. ويصِف بعض أعضاء الجيش الجزائري مقاتلة "سوخوي 34" بأنها كانت "تجذب" نظر واهتمام رئيس الأركان الجزائري الراحل، الفريق أحمد قايد صالح، الذي أجرى بشأنها مباحثات مطولة مع روسيا سنة 2013، لكن موسكو قالت إنها مستعدة لتزويد الجزائر بنسخة تصديرية فقط، عوض النسخة الأصلية لدى الجيش الروسي، ما أثار امتعاض قايد صالح، ليتم بذلك إلغاء الصفقة التي قيل إنه جرى التوقيع عليها. وبخلاف طائرات "F-16 Viper" التي تنتمي لمُقاتلات الجيل الرابع، علما أن بعض تقنياتها وراداراتها هي من الجيل الخامس، فإن طائرات "Su-57" بمقدورها التخفي عن أجهزة الرادار، لتُصبح بذلك الجزائر أول دولة في جنوب حوض الأبيض المتوسط تتحصّل على مقاتلات شبح من الجيل الخامس. طائرات قيْد التصنيع بالنسبة إلى عبد الرحمان المكاوي، الخبير في الشؤون العسكرية، فإن المقاتلة الشبح مازالت في طور التصنيع، إلا أنه "يمكن للجزائر الحصول عليها في ظرف ثلاثة أشهر لأنها سهلة التصنيع"، موردا أن حجمها صغير وسرعتها كبيرة، وتتوفر على أحدث المنظومات الإلكترونية التي عرفتها روسيا. وأضاف المكاوي، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الجنرال بومعيزة، قائد القوات الجوية الجزائرية الربان السابق للميغ 24، تقدم بطلب اقتناء طائرة SU-35؛ وهي طائرة أنتجت في أواخر 2018، حيث تعد من أحدث الطائرات المقاتلة الروسية التي تنتمي للجيل الخامس التكنولوجي". وأوضح الخبير العسكري أن "الجنرال الطيار جرّب الطيران على طائرة SU-57 قبل عقد الصفقة بين المؤسسة الروسية والمؤسسة العسكرية الجزائرية"، ثم زاد أن "الجزائر هي أول زبون للطائرة الحديثة في إفريقيا والبلدان العربية وجنوب حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث أربك اقتناؤها حتى الدول الأوروبية المنتمية للناتو، مثل إسبانيا والبرتغال واليونان". وتابع مسترسلا أن "دخول هذه الطائرة للأسطول الجوي الجزائري سيُحدث ارتباكا نوعيا في التوازن الجيو-استراتيجي في منطقة البحر الأبيض المتوسط"، مؤكدا أنه "لم يتم التزوّد بها بعد إلى حدود الساعة"، مشيرا إلى أن "اقتناء المغرب ل 24 طائرة من طراز إف-16، وكذلك مشروع اقتناء طائرة حديثة أمريكية من إيطاليا (إف-35)، أربك الجيش الجزائري في الصيف الماضي". "سرعان ما أرسلت المؤسسة العسكرية الجزائرية وفدا رفيع المستوى إلى موسكو لشراء طائرات SU-57"، يورد المكاوي الذي لفت إلى أن "الطائرة تمتاز بخصائص خطيرة؛ فهي تقلع وتهبط عموديا، وتفوق سرعتها سرعة الصوت، فضلا عن إمكانية إقلاعها من أي مكان، وقدرتها على الاختفاء عن الرادارات وقَنْبَلَة أهدافها عن بعد". غياب السيولة المالية من جهته، يرى عبد الحميد حارفي، الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، أن "طائرات سوخوي 57 مازالت قيد التصميم، ما يجعل الأخبار المتداولة غير منطقية، بل حتى نموذج الطائرة منعدم، ما يجعل إمكانية شرائها مستحيلة"، مشيرا أيضا إلى أن "سوخوي 34 غير قابلة للتصدير، إذ سبق الإعلان عن الصفقة في الموقع ذاته سنة 2013، لكن لم تتم أبدا إلى حد الساعة". وأورد حارفي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "قيمة المشتريات التي أعلن عنها مرتفعة للغاية، في حين تعرف الجزائر أزمة مالية خانقة"، مبرزا أن "احتياطاتها من النقد الأجنبي كانت مرتفعة للغاية في وقت سابق، إذ كان باستطاعة الجزائر أن تصل إلى احتياط قدره 24 شهرا، لكنها تراجعت منذ 2017 بما قدره 10 ملايير دولار سنويا". وأوضح المتحدث عينه أن "شراء هذه الطائرة المقاتلة يعني تعرض الجزائر بشكل مباشر للعقوبات الأمريكية، في وقت لا يستطيع اقتصادها تحمل هذه العقوبات، لأنها ستؤدي إلى حرب مدنية بكل بساطة"، لافتا إلى أن "تركيا بنفسها انسحبت من الصفقة الروسية تحت الضغط الأمريكي". "الولاياتالمتحدة ستضغط على أوروبا لإجبارها على عدم اقتناء البترول الجزائري"، بتعبير الخبير عينه، الذي شدد على أن "مواقع عسكرية سبق أن كشفت اقتناء الجزائر لبوارج حربية روسية من طراز تايجر سنة 2013، وكذلك شراء مروحيات بريطانية من طراز وايلد في العام عينه، لكن لم يتم أي عقد إلى حدود الساعة، والأمر نفسه ينطبق على الصواريخ الباليستية والمضادات الجوية إس-400". وختم حارفي تصريحه بالقول: "للتأكد من صحة العقد يكفي بكل بساطة الرجوع إلى موقع الأممالمتحدة، حيث يوجد مساعد تناط به مهمة مراقبة التجارة العسكرية في العالم، ففي كل سنة تسلم مختلف الدول تقارير لها بشأن ميزانية التسلح وطبيعة الأسلحة التي تم شراؤها أو بيعها، لأنه إلى حد الساعة لا توجد أي بيانات في هذا الصدد حول هذه الصفقة"، لافتا إلى أن "الجزائر لا تتوفر على السيولة المالية الكافية بذلك، فقد ألغت عدة صفقات تندرج ضمن عقود عسكرية سابقة".