وسط قاعة مكتظة عن آخرها، كان العديد من أفراد أسر المتهمين في "شبكة تجنيس الإسرائيليين" المتابعين أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء يترقبون ما ستسفر عنه أطوار هذه المحاكمة التي استغرقت ما يزيد عن شهرين. وحاول المتهمون ال 28، رغم صعوبة الاستماع إلى ما يقولونه في كلمتهم الأخيرة صباح اليوم الخميس أمام القاضي علي الطرشي، نفي التهم المنسوبة إليهم في هذه القضية؛ فقد أنكروا إقدامهم على تزوير الوثائق والمحررات الرسمية، والمشاركة في ذلك، والارتشاء، من أجل حصول الإسرائيليين على الجنسية المغربية. وحاولت "احسان. ج"، المتهمة الرئيسيّة في هذه القضية، التي تربطها علاقة بزعيم الشبكة اليهودي "ميمون. ب"، تبرئة نفسها من التزوير، قائلة في كلمتها الأخيرة أمام القاضي الطرشي: "أتبرأ من مسألة التزوير، لا أعلم شيئا عن ذلك". وأضافت أن ما قامت بِه يتمثل في إعطائها لهؤلاء الإسرائيليين عنوانها الشخصي، أما ما يتعلق بمسألة تزوير الوثائق، فقد قالت: "لم يسبق لي شفتو ولَم أقم به في حياتي نهائيا". وعلى المنوال نفسه سارت المتهمة "أمينة. ب"، التي وصفتها النيابة العامة بالمرأة الحديدية؛ إذ نفت التهمة المنسوبة إليها قائلة: "لم تكن لدي فكرة التزوير ولا خيانة وطني". وبعد الاستماع إلى باقي المتهمين الذين نفوا التهم المنسوبة إليهم، أدخلت الهيئة التي تنظر في هذه القضية الملف إلى المداولة، وينتظر النطق بالحكم مساء اليوم وسط ترقب وتوجس من لدن العائلات التي حضرت بكثافة في هذه الجلسة. وكان محامو المتهمين في ملف "شبكة تجنيس الإسرائيليين" التمسوا في الجلسة التي عقدت يوم الثلاثاء الماضي البراءة لموكليهم من التهم المنسوبة إليهم، وعلى رأسها تزوير محررات رسمية والارتشاء. ورفض دفاع المتهمة الرئيسيّة في هذه القضية "إحسان. ج" ما أسماه ب"التجييش الإعلامي" الذي واكب الملف منذ بدايته، معتبرا أن المحكمة وهي تختلي للمداولة للبت في الملف ستكون منفصلة عن هذا الأمر. وسبق أن قدّم ممثل النيابة العامة مجموعة من المعطيات المتعلقة بالأشخاص المتابعين في هذه القضية البالغ عددهم 28 متهما، سبعة منهم إسرائيليون، مؤكدا أنهم كانوا يقومون بتزوير الوثائق الرسمية "بشكل احترافي" معتقدين أن أمرهم لن ينكشف لدى السلطات المختصة. وقال ممثل الحق العام إن المتهمة "أمينة. ب" تسببت في "مشاكل حقيقية بتزويرها للوثائق الرسمية ومساعدتها لأشخاص في تحصيل الجنسية المغربية"، واصفا إياها بأنها امرأة حديدية وخبيرة في علم التجنيس، موردا أنه جرى العثور على 600 وثيقة بمنزلها و67 ملفا من أجل الحصول على الجنسية. وكانت مصادر أمنية أكدت أن الشبكة الإجرامية تعتمد أسلوبا متفردا يتمثل في تزوير عقود ازدياد لفائدة أجانب يحملون جوازات سفر إسرائيلية، بدعوى أنهم ينحدرون من أصول مغربية، ثم تعمد بعد ذلك إلى استصدار شهادات بعدم القيد في سجلات الحالة المدنية وتقديمها ضمن دعاوى قضائية لالتماس التصريح بالتسجيل في أرشيف الحالة المدنية، وبعدها تعمل على استخراج عقود ولادة بهويات مواطنين مغاربة معتنقين للديانة اليهودية. وكشفت الأبحاث والتحريات الأمنية أن عددا من الإسرائيليين حصلوا على وثائق الهوية المغربية بهذه الطريقة الاحتيالية، مقابل مبالغ مالية مهمة. كما أوضحت التحقيقات الجنائية أن من بين المستفيدين الموقوفين أشخاص ضالعون في أنشطة إجرامية عابرة للحدود الوطنية.