إلى هذا الحد أصبح الوصول إلى الشهرة مغامرة سهلة؟ مؤخرا خلق الحدث طفل صغير لم يتجاوز عمره العشر سنوات، وذلك باقتحامه ملعب مباراة الرجاء والوداد البيضاويين برسم البطولة العربية. رصدت كاميرات البث المباشر الطفل الصغير وهو يذرف الدموع، يتعنت ويصر بشكل غريب على عدم مغادرة أرضية الملعب... سلوك شاذ وتصرف غير طبيعي يستلزم تسليط عقوبة مادية من طرف لجنة الانضباط التابعة للهيئة المنظمة للمباراة على النادي المستضيف والطفل القاصر، سواء مادية أو تأديبية تمنعه من دخول الملعب لفترة معينة.. لكن الاستثناء المغربي برز مجددا!. استضافت إدارة النادي الطفل والتقى باللاعبين والأطقم التقنية للفريق..لم يفوت النادي الحدث، لكن عوض أن يتكفل مسؤولوه بمصاريف دراسته أو بتحقيق حلمه باللعب في الفئات الصغرى للنادي، اكتفوا بنشر فيديو على صفحة رسمية يوثق "الزيارة العظيمة". الجرائد الإلكترونية كذلك نزلت بكل ثقلها وأرسلت صحافييها للتهافت على الطفل وعائلته الصغيرة لتصوير روبورتاجات مباشرة من حيه ومنزله وهو يتحدث عن إنجازه. ما يثير الانتباه أكثر من الحالة المزرية للحي الذي تنعدم فيه أبسط شروط الحياة هو تحول الطفل بين عشية وضحاها إلى بطل يتجمهر حوله أبناء حيه تارة، ويحملونه على الأكتاف تارة أخرى وهم يرددون شعارات ناديهم المفضل. من الممكن ألا نعير اهتماما لما صرح به الطفل حول كونه مهووسا بحب فريقه، وأنه غادر أقسام الدراسة ليتمكن من التنقل للملعب لتتبع مبارياته، بحكم صغر سنه وفقدانه لأي إدراك للمسؤولية؛ لكن الكارثة هي افتخار الأب حاملا ميكرفونات المنابر الإعلامية بإنجاز ابنه!. لا أمارس رقابة على أحد، فكل إنسان حر في ما يقوله ويفعله. لا أقول كذلك إن الأب مخطئ، لكن من وجهة نظري يبقى الطرف الوحيد الذي يتحمل مسؤولية مراقبة ابنه الصغير وتقويمه ليصرف طاقته في ما يفيده مستقبلا. *باحث في سلك الدكتوراه بفرنسا