سلّط العديد من الخبراء والباحثين في مجال السلامة الطرقية الضوء على تيمة حوادث السير على الطرق في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرين إلى التزايد المطرد لهذه الفواجع الإنسانية التي تهدد الاستقرار المجتمعي، ومؤكدين أن الفحص الطبي الإجباري للحصول على رخصة السياقة يضطلع بأهمية كبرى لتفادي حوادث السير، لكن هذه الاختبارات الطبية التي تُجرى في جميع بلدان العالم تظل غير معروفة لدى السائقين بالمنطقة العربية، بتعبيرهم. ونبّه الباحثون في المجال، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي للصحة والسلامة الطرقية، المُنظم بمدينة الدارالبيضاء على مدى يومين، الجمعة، تحت شعار "أية صحة لسياقة أفضل..حماية لحياتنا وحياة الآخرين؟"، إلى السلوكيات الخطيرة التي يقوم بها السائقون في المدارات الطرقية، لافتين في الآن ذاته إلى الأمراض الصحية التي من شأنها أن تؤثر على الأهلية للسياقة بالمغرب. في هذا الصدد قال خالد الشرقاوي، الكاتب العام لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، إن "موضوع السلامة الطرقية لا يحظى بالعناية اللازمة، خصوصا ما يتعلق بالسلوكيات والممارسات"، مبرزا أن "المجال شبه مغيّب على مستوى الأبحاث والدراسات في الجامعات؛ ذلك أن التراكم النوعي سيُمكن من بناء قوة اقتراحية". وأوضح المسؤول عينه، الذي تلا كلمة الوزير الوصي على القطاع الذي لم يتمكن من حضور الجلسة الافتتاحية، أن "المؤتمر يندرج ضمن المجهودات الرامية إلى استثمار مختلف الروافد بغية تأطير سلوكيات المواطنين، ويشكل أيضا فرصة لتعزيز الشراكة مع الفعاليات المدنية لتكريس ثقافة جديدة من شأنها مواجهة الآفات التي تطرحها". من جهته، أكد بناصر بولعجول، مدير الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، أن "الحدث الدولي يهدف إلى إبراز العلاقة الكامنة بين الأهلية الصحية والسلامة الطرقية"، مردفا: "نطمح إلى إبراز أن الأهلية للسياقة لا تقتصر فقط على الأهلية البصرية، بل تتجاوز ذلك إلى الحديث عن بقية الأمراض التي قد يعاني منها الشخص، ومن ثمة لن تؤهله للسياقة الآمنة". وشدد بولعجول، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن "المؤتمر يتناول مختلف الجوانب المرتبطة بالأهلية النفسية والصحية"، مضيفا: "يحضر معنا أطباء من مختلف التخصصات في 15 دولة أجنبية، بغية تقاسم التجارب والخروج بتوصيات من شأنها أن تساعد على إعداد خارطة طريق لتأطير قطاع منح الأهلية للسياقة وفق المعايير المتعارف عليها دوليا". وأشار مدير الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية إلى تخصيص المنظمة الدولية للوقاية الطرقية جائزة عالمية لتشجيع البحث العلمي، إذ عبّر عن هذه النقطة بالقول: "يتميز الملتقى الدولي بإفراد جائزة دولية أطلقتها الأميرة عبير بنت عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وذلك بغرض تعزيز الأبحاث العلمية والأكاديمية التي تخص تيمة السلامة الطرقية". من جهتها، أوردت انتصار فلمبان، رئيسة شؤون الأسرة في المنظمة العربية للسلامة المرورية بالمملكة العربية السعودية، أن "المؤتمر الدولي شهد مشاركة متميزة للعديد من المهتمين وأصحاب القرار والباحثين الدوليين في مجال السلامة المرورية"، وزادت: "يتعلق الأمر بمؤتمر هادف سيتم تتويجه بتوصيات فعالة نتمنى أن تتجسد على أرض الواقع". وأبرزت ممثلة الأميرة السعودية في الملتقى الدولي أن "المبادرة العالمية التي أطلقتها عبير بنت عبد الله بن عبد العزيز آل سعود عبارة عن جائزة للبحث العلمي في مجال السلامة الطرقية، لأن أغلب الأسر في المنطقة العربية متضررة من ويلات الحوادث المرورية، وما يترتب عنها من آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية". النائب الأول لرئيس المنظمة الدولية للوقاية الطرقية تفاعل مع الموضوع قائلا: "كل دول العالم معنية بهذه الآفة المجتمعية التي تهدد أمن الأسر"، مشيرا إلى أن "الوقاية لا غنى عنها لتفادي حوادث السير، بالموازاة مع تعديل مختلف القوانين ذات الصلة، وكذلك أهمية الوعي لدى المواطنين والمهنيين بخطورة الظاهرة التي لها أبعاد اقتصادية واجتماعية". "يجب التعامل بصرامة مع تسليم رخص الأهلية للسياقة"، يقول المسؤول الدولي، الذي دعا الأطباء إلى "التحلي بالحزم وروح المسؤولية في هذا الموضوع الحساس، لأن الأمر يتعلق بشهادة تثبت مدى قدرة المواطن على السياقة لتفادي حوادث الطرق"، موضحا أن "الحكامة الجيدة وتعديل السياسات العمومية والمقاربة التشاركية كلّها وسائل ناجعة للتخفيف من حدة الحوادث المميتة".