قال عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، إن آفة الفساد تُعيق مسار التنمية وتضعف المؤسسات وتزعزع الثقة بين الفاعلين الاجتماعيين وتهدد الاقتصاد والسلم الاجتماعي. وذكر الجواهري، في كلمة ألقاها اليوم الخميس في الرباط بمناسبة تسليم شهادة الجودة ISO 37001 لفائدة منظومة بنك المغرب الخاصة بمحاربة الفساد، إن هذه الآفة لم تعد من المواضيع المسكوت عنها، بحيث تتفق أبرز الهيئات الدولية على أنها معيقة لمسار التنمية. وحصل بنك المغرب على هذه الشهادة إثر عملية الافتحاص التي أجراها مكتب "أورو كومبلاينس" في أكتوبر الماضي على جميع أنشطته التي تشمل مهن البنك ومهن الدعم. وأكد الجواهري أن الملك محمدا السادس وضع محاربة الفساد في قلب قضايا التنمية، مستشهداً برسالته الموجهة إلى مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في يوليوز 2018 التي قال فيها: "ينبغي أن نضع محاربة هذه الآفة في صميم أولوياتنا". وأورد خطاب الملك أن الفساد "يشكل أكبر عقبة تعيق جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحد من طموح شبابنا؛ فمصلحة شعوبنا تقتضي إذن تحصين جميع الفاعلين في مجتمعاتنا من هذه الآفة وتعزيز روح المسؤولية لديهم". وقال الجواهري إن بنك المغرب قام بصفته بنكاً مركزياً وفاعلاً في القطاع المالي الوطني ببلورة إستراتيجية لمحاربة للفساد خاصة به، مورداً أن الثقة التي يجب أن تقترن بالبنك المركزي لدى شركائه ضرورية لإنجاز مهامه الأساسية. وذكر الوالي أن البنك اعتمد منذ سنة 2005 منظومة أخلاقية منظمة وشفافية تتكون من مدونات أخلاقية تطبق على أعضاء مجلس وولاية البنك وكل المستخدمين، إضافة إلى قواعد خاصة بالوظائف ذات الحساسية الأخلاقية العالية، مثل تلك المرتبطة بالمشتريات. كما عمل بنك المغرب، حسب الجواهري، على تدبير صارم لحالات تضارب المصالح والهدايا والدعوات، ونظام تحذير أخلاقي مفتوح أمام مستخدمي البنك وشركائه يضمن عدم الكشف عن صاحب التحذير وحمايته. ومن أجل تنفيذ فعال للمكونات سالفة الذكر، اختار البنك تنظيماً لا مركزياً يستند إلى شبكة من المراسلين الأخلاقيين داخل كل هياكل البنك، ويعتبر القناة الرئيسية لنقل ثقافة الأخلاقيات. وسنة 2018، وضع البنك المركزي نظاماً خاصاً به لمحاربة الفساد، يتضمن سياسة محاربة الفساد تنص على عدم التسامح نهائياً مع جميع أشكال الفساد، إضافة إلى خريطة خاصة بخطر الفساد والتدابير ذات الصلة المتخذة للتحكم فيه، ومخطط تكويني وتحسيسي لفائدة المستخدمين. وأضاف الوالي: "صحيح أن المغرب خطا أشواطاً هامة في مجال محاربة الفساد، لاسيما على المستوى المؤسساتي، لكن لازال أمامنا الكثير من العمل لضمان فعالية الإصلاحات المنجزة". ودعا المسؤول المغربي إلى "تكثيف الجهود وتعزيز التآزر بين المؤسسات والفاعلين الاقتصاديين والمجتمع المدني من أجل القضاء على هذه الظاهرة للارتقاء بالبلد وتحقيقه نموه". وخلال هذا اللقاء، وقع بنك المغرب اتفاقية تعاون في مجال الوقاية من الرشوة ومحاربتها مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها والهيئة المغربية لسوق الرساميل وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي. وذكر والي بنك المغرب أن هذه الاتفاقية تحدد مجالات وكيفيات التعاون بين الأطراف الموقعة في مجال الوقاية من الرشوة ومحاربتها في القطاع المالي. وذكر بيان صحافي مشترك صادر عن هذه المؤسسات أن اتفاقية التعاون هذه، التي "تندرج في سياق الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، تعكس الرغبة المشتركة للمؤسسات الأربع في تعزيز إطار الحكامة الذي يؤطر تنفيذ المهام المنوطة بها في هذا المجال". وتشمل مجالات التعاون الواردة في الاتفاقية بالأساس تبادل التجارب والخبرات في ميدان الوقاية من الرشوة ومحاربتها، وتنظيم أنشطة تحسيسية وتكوينية لفائدة العاملين بهذه المؤسسات والفاعلين في القطاع المالي؛ ناهيك عن إعداد دراسات وتحليلات من أجل تعزيز التحكم في مخاطر الرشوة.