قال نيكولا بلانشيه، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى المغرب، إن تحرير سعر صرف الدرهم الذي أقدمت عليه المملكة قبل سنة يعتبر إصلاحاً تاريخياً، وعلى المملكة أن تختار الوقت المناسب للاستمرار في التحرير التدريجي. وقال بلانشيه، وهو مستشار في صندوق النقد الدولي، في تصريحات صحافية عقب نهاية مشاورات مع السلطات المغربية بخصوص خط السيولة والوقاية، أمس الخميس، إن "المغرب ليس في حاجة إلى تحرك الدرهم أكثر حالياً؛ لأن ميزان الأداءات متوازن واحتياطات العملة الصعبة في حدود خمسة أشهر من الواردات". ونفى الخبير في صندوق النقد الدولي أن يكون "المغرب خاضعاً لضغوط لكي يقوم بتحرير أكثر لسعر صرف الدرهم"، وأضاف قائلاً: "يمكنه أن يختار الوقت المناسب من أجل يستمر في تحرير تدريجي نحو نظام ذو نطاق أعرض". بلانشيه لفت إلى أن التجارب الدولية في تحرير سعر العملة أظهر أنه لا يجب الانتظار كثيراً في هذا الصدد، مشيراً إلى أن هناك عدداً من الدول أخرت الأمر كثيراً وواجهت وضعيات حساسة، قبل أن يستدرك قائلاً: "ليست هذه حالة المغرب لكن لتجنب الأمر يتوجب اتخاذ إجراءات وقائية". ويؤكد الخبير الاقتصادي أن "السلطات ملتزمة بإصلاح نظام سعر صرف الدرهم"، مورداً أن "هناك عددا من الدول قامت بهذا الإصلاح على مدى عشر سنوات أو 15 سنة، أما المغرب فقد بدأ هذا الإصلاح قبل سنة فقط". وعند سؤاله عن مُعيقات نسب نمو أعلى في المغرب، يؤكد بلانشيه بشكل واضح على إصلاح التعليم وتحسين مناخ الأعمال، ويقول: "فيما يخص التعليم؛ فالإصلاح لن يؤتي أكله بسرعة فهو يتطلب وقتاً طويلاً؛ لكن هذا تم الالتزام به من طرف المغرب من خلال القانون الإطار المتعلق بإصلاح منظومة التعليم". ويشدد الخبير في المؤسسة الدولية على أن المغرب مطالب بملاءمة التعليم والتكوين مع متطلبات سوق الشغل، حيث أورد أن عدداً من المستثمرين الأجانب يؤكدون ضعف مؤهلات اليد العاملة؛ وهو ما يضطرون معه، في بعض الأحيان، إلى تكوين الأجراء الذين يحتاجونهم في المصانع بسبب ضعف المؤهلات المتوسطة المطلوبة. وفيما يخص مناخ الأعمال، يقر بلانشيه بأن المغرب سجل تطوراً لافتاً في هذا الصدد منذ سنة ونصف السنة. وهذا يتجلى من خلال مؤشر ممارسة الأعمال للبنك الدولي، إضافة إلى شفافية الإدارة ومحاربة الفساد واسترجاع الضريبة على القيمة المضافة والمنافسة. ويوصي بلانشيه بالعمل على تحسين مناخ الأعمال أكثر، لأن ذلك سيرفع من جاذبية البلاد أمام المستثمرين الأجانب والمشاريع الكبرى، ناهيك عن توفير بيئة لجعل المقاولات الصغرى والمتوسطة في مستوى هذه المشاريع للاندماج في النسيج الصناعي وتحقيق نسب اندماج أعلى. وكان هذا الوفد قد حل، ما بين 29 أكتوبر المنصرم و7 نونبر الجاري، بالمغرب لإجراء مناقشات مع السلطات المغربية، في إطار المراجعة الثانية للاقتصاد المغربي في ظل اتفاق خط الوقاية والسيولة. وكان صندوق النقد الدولي قد وافق على منح المغرب خطاً للوقاية والسيولة بقيمة ثلاثة مليارات دولار في دجنبر الماضي، ويمكن للمملكة اللجوء إليه في حال ارتفعت أسعار المواد الأساسية المستوردة. وعقب هذه المراجعة، أوصى الوفد السلطات المغربية بمزيد من الضبط المالي لتخفيض نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي على المدى المتوسط، والتعجيل بالإصلاحات الهيكلية من أجل تحسين الحكامة ومكافحة الفساد وتقليص التفاوتات الجهوية والاجتماعية وتخفيض البطالة، خاصة بين النساء والشباب. وتفيد توقعات صندوق النقد الدولي، عقب هذه المراجعة، بأن يصل النمو في المغرب إلى 2,8 في المائة سنة 2019، وأن يتباطأ التضخم ليبلغ 0,4 في المائة نظراً لانكماش الإنتاج الفلاحي والانتعاش المعتدل للأنشطة غير الزراعية. أما على مستوى عجز الميزانية، فيتوقع أن تصل خلال السنة الجارية إلى 4 في المائة نتيجة ارتفاع الاستثمار بمبلغ يفوق ارتفاع الموارد. كما سيصل إجمالي الاحتياطات من العملة الصعبة إلى 25,5 مليار دولار أمريكي، نهاية سنة 2019؛ وهو ما يضمن حوالي 5,2 أشهر من الواردات.