على إيقاع نغمات گناوة الروحية، ورحلات موسيقية تقتفي أثر تاريخ الأندلس بمدينة النورس، استطاعت "الصويرة" أن تدخل القائمة العالمية للمدن المبدعة، لتكون بذلك ثاني مدينة مغربية تُصنفها منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونيسكو" بعد تطوان ضمن القائمة سالفة الذكر. واستطاعت مدينة الصويرة أن تدخل القائمة العالمية هذا العام رفقة مدينة رام الله الفلسطينية بصفتهما مدينتي الموسيقى، بمناسبة اليوم العالمي للمدن الذي يوافق ال31 من أكتوبر. ومكّنت موسيقى المدينة، بإرثها الحضاري الإفريقي والأمازيغي والعربي، أن تستقطب آلاف الزوّار من دول العالم، ومن مختلف الثقافات والأديان جمعهم حب الموسيقى، على الرغم من اختلاف لغاتهم وطرق تفكيرهم، وأضحت "الصويرة" نموذجا لتعايش بين المسلمين واليهود. الباحث المغربي عبد السلام عزريعلق على تصنيف مدينة الصويرة ضمن مدن اليونسكو المبدعة، قائلا: "المدينة تستحق هذا الاعتراف؛ لأنّها كانت ملهمة لعدد من الفنانين الذين وجدوا فيها فضاء للإبداع"، مشدداً على أن موسيقى گناوة لعبت دوراً مهماً في هذا الاعتراف. وفي السياق ذاته، أشار الباحث في حديثه مع هسبربس إلى الدور الذي لعبه مهرجان گناوة في التعريف بالمدينة، ونقل فنان كناوة من الهامش والظل إلى الضوء وإلى العالمية، واستقطاب فنانين من مختلف بلدان المعمور العاشقين لهذه الموسيقى الروحية. ويتفاءل عزري خيرا بالاجتماع السنوي لليونسكو في كولومبيا في دجنبر المقبل، حين تنظر لجنة مختصة في ملف موسيقى كناوة، معتبراً أن الاعتراف من اليونسكو "مرحلة من أجل الاستمرار في الاهتمام بهذا الفن الجميل، وإعطائه المكانة التي يستحقها". وتعيش مدينة النوارس، كل عام، على إيقاع نغمات موسيقى كناوة الروحية، تنهل من جذورها الإفريقية وبصمتها الصوفية لتنفتح على عوالم جديدة وتنمح للسامعين لحظات ممتعة، تقدم فيه فرق موسيقية، من مثل كناوة وعيساوة وأحواش، معزوفاتها التقليدية وفرق أخرى تحط الرحال بمدينة الرياح لتستقي من روح "كناوة". وتحرص المدن المبدعة في جميع أنحاء العالم، حسب المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي، على "جعل الثقافة ركيزة من الركائز التي تبنى عليها إستراتيجياتها، وليس مجرد عنصر ثانوي فيها.. ويشجع ذلك على الابتكار السياسي والاجتماعي، ويتسم بأهمية خاصة للأجيال الشابة". وتحظى مدينة الصويرة، التي يعود تاريخ تأسيسها إلى قرون خلت، باعتراف من منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) لما تزخر به من موروث ثقافي، وتعتبر المثال الفريد للمدينة المحصنة التي تعود إلى نهاية القرن الثامن عشر.