تقع على عاتق مؤسسة رئاسة النيابة العامة مجموعة من المسؤوليات المرتبطة بالمحافظة على الأمن الاقتصادي، ومن خلاله السلم الاجتماعي، وتعزيز الثقة في نفوس المستثمرين. في هذا اللقاء، الذي أجرته هسبريس، مع محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، شدد المسؤول القضائي على أهمية الدور المحوري للنيابة العامة في تعزيز الاستثمار من خلال بث الثقة في نفوس المستثمرين. ويؤمن عبد النباوي بالدور المركزي الذي يمكن أن تلعبه رقمنة عمل النيابة العامة، ويعتبر أن ذلك من شأنه المساهمة في تطوير أدائها. في ما يلي نص الحوار يراهن الفاعلون الاقتصاديون والمستثمرون، المغاربة والأجانب، على تعزيز دور العدالة في مجال حماية الاستثمار. بصفتكم رئيسا للنيابة العامة، كيف تنظرون إلى موضوع العدالة وتشجيع الاستثمار؟ طبعا وكما تعلمون، الاستثمار هو عملية معقدة تتطلب تدخل فعاليات وجهات متعددة، وكذا سلطات مختلفة؛ من هنا فإن القضاء بشكل عام والنيابة العامة لهما دور محوري في هذا مجال؛ وذلك ما برهنت عنه الرسالة الملكية التي وجهت إلى المشاركين في المؤتمر الدولي حول العدالة والاستثمار، حيث أكد جلالته على هذا الدور المركزي. النيابة العامة لها أدوار محورية مختلفة في مجال حماية الاستثمار وتشجيع المستثمرين على إقامة مشاريعهم الاقتصادية واستثمار موجوداتهم، وأيضا الحفاظ على الاستثمار بعد إنجازه والشروع في العمل. وتتمثل بعض جوانب هذه الأدوار في سلامة المقاولة واستمرارها وإنقاذها أحيانا من الإفلاس، وهذا ما تقوم به النيابة العامة بمناسبة الدعاوى المدنية التي ترفع في هذا الإطار، إذ يسمح لها القانون بالتدخل، سواء بصفتها مدعيا أو مدعى عليها، خاصة في ما يتعلق بصعوبات المقاولة. إذا حينما تحاول النيابة العامة أن تساعد على إنقاذ المقاولة من الإفلاس فإن هذا يعني أنها تساهم أيضا في المحافظة على مناصب الشغل، والمحافظة على السلم الاجتماعي، وأيضا الحفاظ على الإنتاجية؛ علما أن بعض المقاولات تكون متخصصة في تصدير منتجاتها نحو الخارج، ما يعني أن الانعكاس يطال مداخيل العملة الصعبة والمبادلات الخارجية للمملكة. أيضا للنيابة العامة أدوار أخرى في المجال الجنائي، فهناك جرائم مختلفة تتعلق بالأوراق التجارية. ويكون أحيانا التدخل الزجري مفيدا للردع العام أو الخاص، وهو دور تضطلع به النيابة العامة في هذا المجال، إذ تقوم ببث الأمن القضائي من خلال الأبحاث التي تشرف عليها وعن طريق المتابعات التي تحركها في حق المخالفين للقانون والأفعال ذات الطبيعة الجنائية. يعيش عالم المال والأعمال، في المغرب والخارج، تطورات متسارعة، كيف تواكبون هذا التطور في رئاسة النيابة العامة؟ مجال المال والأعمال مجال غير قار ودائم التحول، وبالتالي فالنظام القانوني والقضائي مطالب بمسايرته، ونحن نحرص على تكوين قضاة النيابة العامة في هذا المجال، حتى يتمكنوا من مواكبة المستجدات التي يعرفها عالم المال والأعمال والتشريعات المرتبطة به، وحتى يسايروا التوجهات التي أرادها المشرع من وراء إصدار تلك القوانين الجديدة. كما نسعى من وراء الدورات التكوينية التي ننظمها في رئاسة النيابة العامة لفائدة أعضاء النيابة العامة إلى أن يتمكنوا أيضا من مواكبة التجارب الفضلى المعمول بها على الصعيد العالمي، من أجل اقتباسها وجعل قضاتنا يتأقلمون معها لاستعمالها لما فيه خير الاستثمار في المغرب ونموه الاقتصادي. كيف تنظرون إلى موضوع الرقمنة وعمل رئاسة النيابة العامة؟ تعلمون أن هناك تحولا في النظام القضائي الذي كان في يد واحدة، وهي وزارة العدل، إذ تم إنشاء السلطة القضائية التي انبثقت منها مؤسسة رئاسة النيابة العامة، وبالتالي فالمتدخلون في مجال العدالة أصبحوا متعددين. وفي مجال الرقمنة فالإمكانيات اللوجيستيكية هي في يد وزارة العدل، وطبعا هناك شراكة مع الوزارة المعنية، وهناك تنسيق معها، ونحن نحاول أن نقدم مطالب من أجل الحصول على البرمجيات التي تمكننا من متابعة القضايا وتدبير الملفات بشكل إلكتروني. بشكل عام فإن التدبير الإلكتروني للقضايا على صعيد المحاكم ليس في يدنا، بل في يد وزارة العدل، ونحن من خلال لجنة مشتركة نتدارس هذا الأمر من أجل تمكن رئاسة النيابة العامة من التتبع الآني للقضايا، والأمر نفسه بالنسبة للمتقاضين. وقد تم تحديد سنة 2020 أو 2021 من أجل رقمنة الملفات. كما هناك تفكير جدي في هذا الاتجاه الذي يتم من خلاله السعي إلى رقمنة العدالة بشكل عام. كيف تنفتح مؤسسة رئاسة النيابة العامة على المستثمرين؟ مؤسسة النيابة العامة مؤسسة حديثة، ورغم ذلك قمنا ببعض المنجزات التي نعتقد أنها تمضي في سبيل تحديث العدالة والانفتاح على المتقاضين، بمن فيهم المستثمرون، لتعزيز ثقتهم في عمل النيابة العامة. وتم إنشاء الشباك الوحيد لاستقبال الشكايات، الذي نسعى من خلاله إلى اعتماد التقنيات الرقمية لاستقبال الشكايات دون الحاجة إلى تنقل المشتكين إلى الرباط. والمعلوميات ستساعد في تثمين الوقت على مستوى تداول الشكاية وإتاحة المعلومات العامة للمواطن. ونحن نشتغل في هذا الإطار مع وزارة العدل على المستوى الرقمي، بحكم سيطرتها القانونية على الوسائل التكنولوجية المتاحة للمحاكم.