قال تقرير للعصبة المغربية لحقوق الإنسان إن 48 في المائة من المغاربة يعانون من مرض نفسي أو عقلي؛ أي إن شخصا من بين اثنين يعاني من اضطراب عقلي أو نفسي. العصبة انتقدت "انعدام تكوين الأطباء المختصين في الطب العقلي والممرضين المختصين"، قائلة إن المغرب لا يتوفر إلا على 197 طبيبا نفسيا يشتغلون في القطاع العمومي، "وهو رقم ضعيف بالنظر إلى المعدل العالمي، إذ يفترض، حسب المعايير الدولية، أن يتوفر 3.66 طبيبا مختصا لكل 100 ألف نسمة، في حين لا يوفر المغرب سوى أقل من مختص أي 0.63 لكل مائة ألف نسمة". وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن ضعف الأطباء يدفع أغلب المرضى إلى التوجه إلى الأضرحة والشعوذة في غياب مؤسسات صحية ومجانية العلاج والإدماج الاجتماعي، وارتفاع أسعار الأدوية الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية. وفي الإطار نفسه أشار التقرير إلى أن أكثر من 95 في المائة من المرضى الذين يتوفرون على تأمين صحي يتوجهون للعيادات والمصحات بالقطاع الخاص، رغم ارتفاع أسعارها؛ "وبالتالي تحول المستشفى العمومي إلى ملجأ وملاذ للفقراء وذوي الدخل المحدود الذين يتوفرون على تأمين صحي من المرضى، والذين لا يملكون القدرة على تكاليف العلاج بالمصحات الخاصة". وأكدت المنظمة أن "لجوء المرضى الفقراء إلى المستشفيات العمومية لا يعني أن خدمات هذه المراكز هي بالمستوى المطلوب، بل ازدادت تدهورا؛ إذ تؤكد التقارير أن معظمها تعيش على وقع أزمة خانقة ومستفحلة أثرت بوضوح على ولوج واستفادة عدد كبير من المواطنين، وخاصة منهم الفقراء وذوو الدخل المحدود من الخدمات الصحية، بسبب أزمة تدبير وتسيير وسوء الحكامة، واستشراء مظاهر الفساد الإداري والمالي؛ إضافة إلى استمرار غياب خدمات طبية من المفروض توفرها في المراكز الاستشفائية الإقليمية والجهوية التابعة لوزارة الصحة والمسيرة بطريقة مستقلة، كما سجل ذلك المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي لسنتي 2016-2017". وعلى صعيد آخر تقول العصبة إن "المتتبع لأوضاع حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2018 سيسجل استمرار التراجع الذي تشهده الحقوق والحريات في المغرب بعد مرور 60 سنة على ظهير الحريات العامة، وثماني سنوات على دستور فاتح يوليوز 2011"، مؤكدة أن التراجع هم جميع الحقوق: المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية، "في ظل ظرفية دولية متحولة ومتقلبة تعرف في الكثير من مناطق النزاعات والحروب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ودوسا على القانون الدولي الإنساني، إضافة إلى تفاقم الصراع الجيوستراتيجي بين الدول (خاصة الدول الكبرى عالميا)، وكذا تفاقم التهديدات الإرهابية، خاصة تجنيد الشباب من قبل الجماعات المتطرفة". وقالت العصبة نفسها إن "هذه ظرفية تستفيد منها بعض الدول، ومن بينها المغرب، لاتخاذها ذريعة لتبخيس عمل المنظمات الحقوقية والنقابية والسياسية، ما ساهم في ظهور تراجعات خطيرة في الحقوق والحريات في ظل ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي، واستمرار المس بالحق في الإضراب، والحق في التنظيم وتأسيس الجمعيات أو الانتماء إليها، وحرية الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، والتضييق على الصحافيين والمدونين؛ كما يتم توظيف القضاء في تصفية الحسابات، والزج بمجموعة من المواطنين في السجون (على خلفية أحداث الريف وجرادة مثلا )، والتعسف واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان...إضافة إلى الصحافيين وإصدار الأحكام الجائرة في حقهم".