في الصورة الرئيس التركي رفقة زوجته في خطوة متميزة وإضافة نوعية إلى منجزاته الكبيرة يسعى حزب العدالة والتنمية بتركيا إلى تعديل الدستور لرفع الحظر عن الحجاب بالجامعات التركية، فبعد شهور من تولى حكومة رجب طيب أردوغان مقاليد الأمور في تركيا و انتخاب عبد الله غول ذو الجذور الإسلامية تم إثارة أزمة الحجاب و حظره في الجامعات و الأماكن الرسمية. "" استطاع حزب العدالة والتنمية بحنكته السياسية الكبيرة إلى وضع اقتراح يحظى بالأغلبية يقضي برفع الحظر على الحجاب في الجامعات، وقال حزب رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، وحزب العمل القومي في بيان مشترك: إن الحزبين وافقا على إجراء تعديل على الدستور وقانون التعليم العالي بحيث يسمح للطالبات بأن يرتدين الحجاب في الجامعات التركية. وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لنواب حزب العدالة والتنمية في تصريحات أذيعت تلفزيونيًّا: "هدفنا هو إنهاء الظلم الواقع على طالباتنا، وليس هناك هدف آخر". وبهذا يكون أردوغان والذي ترتدي زوجته وبناته الحجاب قد أوفى بتعهده ، الذي التزم به خلال حملته الانتخابية في الصيف الماضي، وحقق فوزًا كاسحًا على المعارضة العلمانية. وسيحتاج إجراء هذا التعديل على الدستور إلى موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 550 عضوًا، ويشكل الحزبان أكثر من ثلثي الأعضاء، وبالتالي فإن لهم أصواتًا تكفي لإقرار التعديل. وتعتبر مشكلة حق المرأة في ارتداء الحجاب في التعليم والعمل واحدة من أسخن القضايا الداخلية المطروحة بقوة على الساحة السياسية التركية منذ عشرين سنة تقريبا، ومع هذا فلم تصل هذه المشكلة لحل نهائي حتى اليوم. على أن هذه المشكلة المزمنة والتي تشغل نسبة تقارب 80% من نساء تركيا وأكثر من 50% من رجالها، قد دخلت هذه المشكلة منعطفا مهما منذ عام 1997، في أعقاب التدخل العسكري من قبل مجلس الأمن القومي وقت حكومة حزب الرفاه. فقد قام الجناح العسكري من مجلس الأمن القومي يوم 28/2/1997 بفرض 18 شرطا على الحكومة الائتلافية المدنية التي كان يتزعمها الزعيم الإسلامي نجم الدين أربكان. ومع رفض أربكان وحزب الرفاه تطبيق تلك الشروط والتي كان من بينها منع ارتداء الحجاب في المدارس والجامعات، أجبر مجلس الأمن القومي ورئاسة أركان الجيش حكومة حزب الرفاه على تقديم استقالتها في يونيو/ حزيران 1997 في ظل تهديدات مبطنة وأخرى علنية بالقيام بانقلاب عسكري. وفي أغسطس/ آب 1997 وافقت الحكومة الائتلافية برئاسة مسعود يلماظ ونائبه بولنت أجاويد على قانون التعليم المستمر غير المنقطع ثماني سنوات في المرحلة التعليمية الأساسية، مما أدى إلى إغلاق المرحلة الإعدادية من مدارس الأئمة والخطباء الدينية، وذلك تمهيدا للإغلاق النهائي لتلك المدارس وهي المدارس الوحيدة التي كان مسموحا فيها للبنات بارتداء الحجاب. ينظر الجيش التركي لنفسه على أنه الجهة الوحيدة الأمينة على مبادئ وأفكار أتاتورك وعلى رأسها المبدأ العلماني اللاديني، ومن هنا ينظر الجيش بعين الشك والريبة للتعليم الديني الإسلامي ويفرض على الحكومات المدنية منذ عام 1960 أشكالا مختلفة من الضغوط وبخاصة على التيار الإسلامي الذي يصفه بالرجعي. من هنا جاء إصدار قرار منع المحجبات من التعليم بكل أنواعه عام 1998، على يد حكومة الائتلاف الحالية بزعامة بولنت أجاويد، وبإيعاز من مجلس الأمن القومي. ولا زلنا نتذكر الموقف الراديكالي لحزب اليسار الديمقراطي بزعامة بولنت أجاويد والذي يرفض الحجاب على طول الخط، ويعتبره سمة سياسية في تركيا ولا ينظر إليه من زاوية المعتقد الإيماني، وأقام الدنيا ولم يقعدها عندما تجرأت نائبة اسطنبول مروة قاوقجي على دخول البرلمان في سنة 1999 وهي ترتدي الحجاب، فقام بطرد العضوة البرلمانية المنتخبة ديمقراطيا وسعى لإسقاط الجنسية عنها وصادق على ذلك بقرار. وقد كانت المحجبات التركيات استبشرت خيرا بتنصيب خير النساء غل سيدة أولى للجمهورية التركية، واعتبرته نصرا معنويا ورمزيا للحجاب. وكانت له دلالات كبرى على فتح قريب للحجاب في تركيا.