قال سعيد الكحل، الباحث المتخصص في قضايا الإسلام السياسي، إنّ الفقه الإسلامي لم يجّرم الإجهاض، حيث أباحه الحنابلة والشافعية والحنفية؛ بينما حرّمه جزء من فقهاء المذهب المالكي، الذي يتبعه المغرب، وأحلّه جزء منهم. وتساءل الكحل، في ندوة نظمتها فيدرالية رابطة حقوق النساء: "إذا كان ثلاثة أئمة يُبيحون الإجهاض، فلماذا لا نأخذ برأيهم، كما أخذنا برأي المذهب الحنفي في مسألة ولاية المرأة على نفسها، في مدونة الأسرة؟". وردّ الباحث في قضايا الإسلام السياسي على سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، الذي قال في لقاء حزبي نهاية الأسبوع الماضي إنّ مسألة الإجهاض بتّت فيها اللجنة التي أنشأها الملك، وأدلى فيها المجلس العلمي الأعلى برأيه، قائلا "المجلس العلمي الأعلى لم يتخذ أبدا أي مبادرة لمناصرة حقوق المرأة، فكيف يمكن أن نتوقع منه موقفا إيجابيا في مسألة الإجهاض". وأضاف: "لا يمكن أن يكون المجلس الأعلى مَرجعا في حل مسألة الإجهاض؛ لأنه أصلا جزء من المشكل. لذلك، فالمطلوب هو أن يكون لدينا قانون مدني، على غرار تونس". وذهب المتحدث ذاته إلى القول إنّ الإجهاض لم يَرد فيه نص قطعي يحرّمه، "وما لَم يَردْ نص محرِّم للشيء فهو مباح"، على حد تعبيره، مضيفا أنّ الفقهاء استندوا في تحريم الإجهاض إلى الآية "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ"، وإلى الحديث النبوي "إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلماتٍ: بكَتْبِ رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيدٌ". وأوضح الكحل أنّ الإنسان يُخلق على مراحل، ولا يُنفخ فيه الروح إلا بعد 120 يوما من خلْقه، كما ورد في الحديث النبوي، وهو ما استند إليه فقهاء المذاهب الثلاثة الذين أباحوا الإجهاض قبل أن يُكمل الجنين 120 يوما، أي قبل أن تُنفخ فيه الروح. واستعرض الباحث المتخصص في قضايا الإسلام السياسي أقوال عدد من الفقهاء المشهورين في مسألة الإجهاض، حيث أجاز الإمام الشافعي، حسب ما أورد المتحدث، للمرأة أن تُجهض حتى بدون إذن زوجها، وأباح أبو حنيفة الإجهاض قبل إكمال الجنين مائة وعشرين يوما، فيما عبّر المالكية عن رأيين؛ أحدهما يبيح الإجهاض قبل إتمام أربعين يوما، والثاني يحرّمه بالمطلق، وهو الذي يتبنّاه المشرّع المغربي. كما استحضر الكحل آراء فقهاء العصر الحالي، كابن باز، مفتي المملكة السعودية، الذي أباح الإجهاض ما لم يُتمم الجنين أربعين يوما، أو إذا كان بالمرأة مرض شديد، مضيفا "إذا كان ابن باز، وهو من الفقهاء المتشددين، قد عبّر عن هذا الرأي، فماذا سنقول نحن، الذين نعتبر أنفسنا مجتمعا حداثيا ومتقدما ونعيش في دولة تطلب عضوية الاتحاد الأوروبي؟". وأوضح الباحث في قضايا الإسلام السياسي أنّ الحريات الفردية يجب أن تكون مضمونه، فحتى من الناحية الفقهية، يردف المتحدث، فإنّ الإسلام "وضع شروطا يكاد يكون مستحيلا في ظلها إثبات علاقة جنسية بين رجل وامرأة". واستعرض الكحل بعض الوقائع التي قال إنها تعبر عن كون الإسلام لا يحجر على الحريات الفردية؛ كواقعة إخبار رجل للرسول محمد صلى الله عليه وسلم بأنه رأى رجلا وامرأة يزنيان، فكان جواب الرسول "لو سترته بإزار لكان خيرا لك"، وفق ما جاء على لسان الباحث المغربي.