وصفوا عام 2011 بأنه سنة "الزلزال" كشف مثقفون وأكاديميون عرب عن كونهم يستعدون لتوثيق الأحداث التي جرت سنة 2011، وما تزال تجري في البلدان العربية، حيث أفرزت تحولات سياسية واجتماعية عميقة أعادت رسم خريطة الوطن العربي من جديد، وذلك على شكل إصدارات أدبية وفكرية وإبداعية مرتقبة. وأجمع هؤلاء المثقفون على أن 2011 تعتبر سنة استثنائية بكل المقاييس، فقد اتسمت بزلزال عارم شكَّل منعطفا حاسما في التاريخ العربي الحديث، فأبرز مدى الخصومة التاريخية الصامتة التي توجد بين شعوب مقهورة تتوق إلى الحرية والكرامة، وبين أنظمة سياسية فاسدة ومستبدة. وجاءت رؤى المثقفين والكُتَّاب العرب في ملف متميز أصدرته أخيرا مجلة كُتاب الانترنت المغاربة، التي يشرف عليها الكاتب المغربي عبده حقي، وتضمن مساهمات عدد من المثقفين: المطربة اللبنانية أميمية الخليل، والأديبة الإماراتية ظبية خميس، والأكاديمي الفلسطيني الدكتور أحمد أبو مطر، والأكاديمي المغربي الدكتور محمد العمري، والأديب محمد عز الدين التازي من المغرب، والروائية الأردنية سميحة خريس، والإعلامية فدوى مساط من المغرب، والباحث الدكتور إدريس جنداري من المغرب، والدكتور أحمد عبدالله الفيفي من السعودية، والكاتب العراقي فيصل عبدالمحسن، والروائية لينا هويان الحسن من سوريا، والمبدعون المغاربة ماماس أمرير، وزهرة زيراوي، وفوزي عبد الغني، وعبد اللطيف الوراري. سنة الكرامة والحرية ووصف الأكاديمي العربي الدكتور أحمد أبو مطر عام 2011، الذي يوشك على الانصرام، بأنه عام "عودة الكرامة والحرية العربية"، كاشفا أنه يتهيأ مستقبلا لإصدار كتاب حول ثورات الشعوب العربية بعنوان "الربيع العربي"، يجمع فيه مقالاته ودراساته التي كتبها عن الحدث ذاته، ويشرح فيها "السبب المفاجئ لانطلاق هذه الثورات بعد سكوت ورضوخ للمستبدين زاد عن سبعين عاما".. وأردف أبو مطر أن العديد من دراساته هي نتيجة خبرة ميدانية في بعض هذه الأقطار التي شهدت ثورات شعبية، حيث عمل مُدرسا في جامعة طرابلس بليبيا التي أطلق عليها الطاغية القذافي اسم "جامعة الفاتح"، واشتغاله وعيشه في سوريا لما يزيد عن تسع سنوات، خبر فيها "نظام الأسد العائلي الطائفي"، على حد تعبير أبو مطر. وعبّر الأكاديمي الفلسطيني عن تفاجئه السار بالثورات العربية، لكون هذه الشعوب أدركت أخيرا أنّ الطاغية مهما امتلك من القوة والرصاص، فهو أكبر الجبناء عندما يواجهه الشعب". وبخصوص الحدث البارز بالنسبة إليه في عام 2011، قال أبو مطر لمجلة اتحاد كتاب الانترنت بالمغرب، إنه يتمثل في الانحياز المخزي للعديد من المثقفين لجانب الطاغية خاصة في سوريا، مشيرا إلى أن موقف اتحاد كتاب سوريا موقف" مخزي بامتياز"، لا يشرفهم ولن يشرفهم في المستقبل بعد انتصار الشعب السوري. والمؤلم أكثر يضيف المتحدث هو وقوف بعض الكتاب الفلسطينيين إلى جانب طاغية سوريا بحجة نظام الممانعة، وهو نظام مقاومة بالثرثرة فقط"، على حد قول المفكر الفلسطيني، والذي يقيم في النرويج. حجر الطريق وبالنسبة للأديبة الإماراتية ظبية خميس، التي تقيم في القاهرة، فإنها عايشت الأحداث السياسية الجسيمة التي همت بعض البلاد العربية خلال عام 2011، فرأت فيه سنة "تمرد البشر على صنمية عالمهم، ورفضهم لما لم يعد يناسب مقاسهم..". وتابعت خميس، في حديثها لمجلة اتحاد كتاب الانترنت المغاربة، أن 2011 هو عام "السقوط النهائي لأقنعة العولمة الاقتصادية، وأكذوبة الإرهاب، والتعاون الأمني، وعام سقوط دمى "الماريونيت" التى تحكم لصالح أعداء الشعوب، وتنهبهم وتمارس استبدادها عليهم، آمنة لوجود الصديق الأمريكي والأوروبي".. وبعد أن وصفت السنة التي تدنو على الانتهاء بأنها عام "خروج الأحياء من قبورهم، وثورة المحرومين"، كشفت خميس عن كونها تفكر في معايشة تلك الأحداث الجارية من خلال عدد من المقالات والقصائد الشعرية، التي تنوي تجميعها قريبا في كتاب موسوم بعنوان "حجر الطريق". أما المغنية اللبنانية أميمة الخليل، التي اشتهرت بأداء أغانيها الملتزمة بمعية المطرب المعروف مارسيل خليفة، فقد أفادت بأن فرحتها بسقوط بعض الأنظمة العربية موجودة، ولكن ما ينغصها هي حتمية الأثمان الغالية التي ستدفعها شعوبنا للوصول لمكان متقدم، ولو قليلا..". وبحسب المصدر ذاته، كشفت الخليل بدورها عن كونها تعد حاليا "ثلاثة أعمال متتالية تواكب الآمال العربية، وتحكي المعاناة المزمنة لمجتمعنا العربي، وانتفاضاته، وتوقه لكسر قيود تكبله بغير حق". عداء تاريخي ومن جهته، اعتبر الروائي المغربي محمد عز الدين التازي، في ملف مجلة كتاب الانترنت، أن الثورات العربية التي عرفتها سنة 2011 وامتداداتها إلى بلدان عربية أخرى، قد شكلت منعطفا جديدا في التاريخ العربي الحديث. ورأى التازي أن هذا المنعطف، لم يأت وليد مصادفة أو أحداث ظرفية، بل هو زلزال ظل يختزن حممه في طريقه إلى الانفجار. وبمعنى آخر، يقول التازي، ما حدث في تونس ومصر وليبيا، ويحدث اليوم في اليمن وسورية، يستحق بجدارة أن يسمى ثورة شعبية ضد الظلم والاستبداد، والفساد السياسي والمالي، وتغيير الحريات العامة، وتزييف حقيقة الأوضاع كما كشفت عنها هذه الثورة، وعبرت عنها من خلال إسقاط الأنظمة الفاسدة. ووسم الأديب المغربي عام 2011 بأنه عام الزلزال العربي بامتياز، لكون ما جرى وما سيجري مستقبلا هو مؤشر جلي لما سماه "عداء تاريخي مكتوم" بين الأنظمة العربية السياسية التي استغلت شعوبها بما يكفي، وبين شعوب تتوق إلى أنظمة ديمقراطية بالمعنى الحديث للدولة الديمقراطية، التي تسير فيها أمورَ الشعب المؤسساتُ والهيئات المنتخبة في إطار دولة القانون، وحيث لا يكون الحاكم سوى صاحب سلطة دستورية لتنظيم العلاقة بين هذه المؤسسات والهيئات".