أثار شريط فيديو تم تداوله على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي لعامل إقليمإفران أثناء جولة تفقدية لمختلف مناطق اقليمافران ليقف على عدة خروقات في علاقة باحتلال الملك العمومي الغابوي بطريقة غير قانونية بالمدينة ونواحيها. وهي المبادرة التي خلقت جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسم المتابعون بين مؤيد لتلك الخطوة وهم الأكثرية، ومعارض لها بسبب الطريقة الغاضبة التي خاطب بها المسؤول الترابي المخالفين للقانون، وهو غضب يجد مبرره في التسيب والفوضى وانعدام الامن الذي أحدثه بعض هؤلاء المستغلين للفضاء العمومي بطرق عشوائية. إن مبادرة عامل إقليمافران، تعتبر فريدة من نوعها لتوقتيها وكذا لتعطش المواطن الى سماع صوته والتفاعل مع نبض الشارع سواء تعلق الامر بالاستجابة للمطالب الملحة للساكنة ذات الصلة باستتباب الأمن أو متعلقة كانت بالتنمية وتقوية دور الرقابة على عمل المؤسسات المنتخبة لافتقارها للكفاءة والخبرة في إعداد مشاريع من شأنها تطوير المنطقة. ويرى المتتبعون أن هذه الخطوة غير مسبوقة على المستوى الوطني، وستسهم لا محالة في إعادة جمال المدينة وجعلها منطقة جذب سياحي عوض أن تكون مدينة طاردة للزوار القادمين إليها، بسبب الوضعية السيئة التي آلت إليها نظرا للتسامح الكبير الذي كانت تبديه السلطة تجاه بعض المظاهر المسيئة لنظافة ورونق المدينة، مما كان يثير غضب السكان والزوار. إن كل من يعرف المدينة جيدا يعرف كيف كانت في الماضي من أجمل المدن المغربية من حيث النظافة وحسن التنظيم، الأمر الذي أكسبها سمعة طيبة بين المغاربة. غير أن سوء تدبير بعض المنتخبين وعدم الاهتمام بمتابعة المشاريع المبرمجة في عدد من المواقع السياحية المهمة مثل غابة أزرو وعين فيتال حول اقليمإفران والاحياء المهمشة بأزرو والدواوير المنسية بجماعة بن صميم إلى اقليم يستحق الرثاء. ويعتبر ما قام به عامل الإقليم أمرا جديدا يحدث في مناسبات قليلة في بعض المدن، حيث يصر بعض المسؤولين على مغادرة مكاتبهم الوثيرة وعدم الاكتفاء بالمتابعة عبر التقارير المنجزة والهواتف، والذهاب بأنفسهم لتفقد المشاريع المبرمجة أو المنجزة والوقوف على سير الأشغال. ونحن نعتقد في الواقع أن مثل هذا السلوك الجديد هو ما نحتاجه اليوم في بلادنا، ذلك أن مهمة المسؤولين ليست هي الاختفاء وراء جدران مكاتبهم بل الاختلاط بالمواطنين والانصات إلى شكاويهم والتفاعل معها. هذه هي المقاربة الجديدة للشأن العمومي كما أشارت إليها الخطب الملكية الأخيرة، مقاربة تعتمد سياسة القرب وربط المسؤولية بالمحاسبة مرتكزة في ذلك على النجاعة والفعالية في الأداء. وما انتشار مظاهر التسيب وغياب الامن والفساد بالكثير من المؤسسات إلا تجلي لغياب المراقبة والتتبع للمشاريع المبرمجة محليا ووطنيا وقلة التفاعل مع نبض الشارع وأولوياته المرتبطة بالأمن والتنمية. لقد آن الأوان للقطع مع الممارسات القديمة في تدبير الشأن العام وتكريس مفهوم المواطنة في التعامل مع الساكنة. وفي هذا الإطار، يعتبر وقوف المسؤولين بشكل شخصي على تدبير القضايا المرتبطة بمجالهم الترابي أمر في غاية الأهمية إسوة بتنفيذ التوجيهات الملكية السامية المرتبطة بالمفهوم الجديد للسلطة، وجعل المواطن في صلب اهتمامات أصحاب القرار إن على المستوى الوطني أو المحلي. ولعل من نافل القول إن النموذج التنموي الجديد يرتكز في جزء كبير منه على تغيير نمط التسيير والاستفادة من الإخفاقات، فما قام به عامل إفران وما يقوم به بعض المسؤولين الآخرين يجب أن يكون رسالة إلى الآخرين. وما انتشار شريط الفيديو بهذا الحجم الا دليل على رغبة المواطنين في التغيير وخطوة في اتجاه اسماع صوتهم ومعاناتهم للمسؤولين بمختلف درجاتهم للمساهمة في تحسين ظروف عيش الطبقات الهشة في هذا الوطن. * أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط