على بعد أيام قليلة من انطلاق الحملة الممهدة للانتخابات التشريعية بكندا، ضاعفت الأحزاب الكندية وعودها لاستقطاب هيئة ناخبة منقسمة، واحتدم مستوى التراشق والانتقادات المتبادلة بينها. ويعمل الحزب الليبرالي الكندي الحاكم وحزب المحافظين المعارض، وكلاهما تمنحه استطلاعات نوايا التصويت نسبة 33 في المائة، على شحذ آلتهما التواصلية لاستمالة الناخبين. وإذا كان الليبراليون يحذرون من شبح تقشف مالي في حال وصول المحافظين إلى السلطة، فإن المعارضة تركز انتقاداتها على الحصيلة الاقتصادية لحكومة رئيس الوزراء جوستين ترودو، وعلى سوء تدبيرها لقضية شركة الأعمال الهندسية الكندية "إس إن سي لافالين" التي توجد في قلب فضيحة فساد. وما فتئ رئيس الوزراء الكندي، خلال فترة ما قبل الحملة الانتخابية، يدعو الناخبين إلى تحمل مسؤولياتهم، حيث صرح خلال لقاء للحزب الليبيرالي نظم مؤخرا في أوتاوا، أنه "في شهر أكتوبر، سيتعين علينا القيام باختيار واضح: الخصم من الميزانية والتقشف أو الاستثمار من أجل الكنديين". ويبني الحزب الليبرالي، الذي اختار لحملته شعار "اختيار المضي قدما"، خطابه الانتخابي على التحذير من عودة اليمين المحافظ. وقال ترودو في شريط فيديو دعائي، إن "على الناخبين إما المراهنة على التقدم الذي أحرزناه، أو العودة إلى سنوات هاربر (المحافظ)، وأنا اخترت المضي قدما معكم". وفي ظل أزمة سياسية غير مسبوقة تفجرت منذ فبراير الماضي على خلفية الاشتباه في تدخل الحكومة في المسطرة القضائية ضد الشركة الكندية، ورد اسم ترودو في تقرير لمفوض الأخلاقيات الفيدرالي، أشار إلى أن رئيس الوزراء قد يكون انتهك قانون تضارب المصالح. وتفجرت فضيحة الفساد هاته عندما اتهمت وزيرة العدل السابقة، جودي ويلسون-رايبولد، محيط رئيس الوزراء بممارسة ضغوط عليها للحيلولة ضد إطلاق محاكمة جنائية ضد المجموعة التي تورطت في فضيحة فساد واسعة. وبعد نشر تقرير مفوض الأخلاق في غشت المنصرم، دعا زعيم المحافظين، أندرو شير، الناخبين إلى معاقبة الليبراليين خلال انتخابات 21 أكتوبر المقبل. وقال زعيم المعارضة إن "أفضل طريقة للرد على ذلك هي أن يوجه الكنديون هذه الحكومة الليبرالية الفاسدة بقيادة رئيس وزراء لا يتحمل مسؤولية سلوكاته، نحو باب الخروج". ورد الحزب الليبرالي بنشر شريط فيديو يعود ل14 سنة خلت، أبدى فيه زعيم المعارضة موقفه المناهض للزواج من نفس الجنس. كما واجه حزب المحافظين جدلا آخر مرتبطا بمحاولة محتملة من قبل منتخبين محافظين لإعادة فتح النقاش حول الإجهاض. وبعد أيام من الأخذ والرد، قال شير إن النقاش حول الإجهاض لن يعاد فتحه، متهما الليبراليين بإثارة قضايا خلافية من أجل صرف انتباه الكنديين عن حصيلتهم طيلة أربع سنوات على رأس الحكومة. وأكد حزب المحافظين أيضا أنه من أجل الكنديين، اختار قيادة حملته الانتخابية تحت شعار "المزيد، من أجلكم، من الآن". وفي انتظار حسم المعركة الانتخابية، يتوقع 56.1 في المائة من الكنديين أن تتولى حكومة أقلية من الحزب الليبرالي، أومن حزب المحافظين مقاليد السلطة خلال الأربع سنوات القادمة، حسب نتائج استطلاع لنوايا التصويت أجرته مؤخرا مجموعة الأبحاث "مينستريت". وستكون أمام زعماء الأحزاب السياسية فرصة لتلميع صورتهم وإقناع الناخبين خلال المناظرات المرتقبة خلال أكتوبر المقبل، حيث سيكشفون عن مواقفهم واقتراحاتهم بشأن العديد من القضايا، التي تهم على الخصوص، البيئة والاقتصاد والشغل والضرائب والصحة والمجتمع. *و.م.ع