ما تزال عاصمة المملكة لا تتوفر على مراحيض عمومية تليق بها باعتبارها إحدى أكبر وأكثر المدن كثافة من حيث عدد سكانها وزوارها، كما أن المراحيض تعتبر من المرافق العمومية الضرورية التي تُقاس بها جاذبية كل مدينة. وباستثناء مرحاض عمومي قديم يوجد في باب الأحد وسط العاصمة الرباط، لم تُقدم السلطات المحلية على توفير مراحيض عمومية جديدة في مستوى المشاريع المُهيكلة التي تعرفها المدينة في السنوات الأخيرة بتكلفة مالية ضخمة. وسبق لعدد من الجمعيات أن وجهت مراسلات إلى مجلس المدينة تُنبه من خلالها إلى الآثار الوخيمة لغياب هذه المرافق، لكن إلى حد الساعة لم ينفذ شيء على أرض الواقع على الرغم من قرب انتهاء البرنامج المهيكل الضخم "الرباط مدينة الأنوار". وكان مجلس مدينة الرباط قد ناقش هذا الأمر قبل سنوات، ووافق في دورة أكتوبر من سنة 2017 على دفتر تحملات خاص بالمراحيض العمومية، لكن سنتين بعد ذلك لا تنفيذ على أرض الواقع. وأثار عُمر الحياني، مستشار عن فدرالية اليسار الديمقراطي بمجلس المدينة، هذا الأمر في سؤال كتابي وجهه إلى رئيس مجلس مدينة الرباط، محمد صديقي، عن حزب العدالة والتنمية. وقال الحياني في مراسلته: "بعد سنتين على موافقة المجلس على دفتر التحملات الخاصة بالمراحيض العمومية، لا يوجد أي أثر لها في ظل معاناة السكان والزوار، خصوصاً الأطفال والمسنين والمرضى، من غياب هذا المرفق العمومي". وسبق أن أظهرت دراسة أجراها طلبة من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالقنيطرة سنة 2017 أن النساء بالمغرب في حاجة إلى مراحيض عمومية وآمنة، نظراً لكونهن يستعلمنها أكثر من الرجال، الأمر الذي يجعلهن يعانين من ضُعف عددها، وإن وجدت على قلتها فهي لا تحترم معايير النظافة المطلوبة. وتفيد خلاصات الدراسة سالفة الذكر بأن غياب وضُعف عدد المراحيض العمومية في المغرب راجع أساساً إلى الثقافة المغربية التي تعتبر هذا الموضوع من الطابوهات، وفي المقابل الثاني يرتبط ذلك بغياب سياسة عمومية وعدم اهتمام المنتخبين محلياً بهذا الموضوع. وبحسب أرقام لجمعية النساء للبيئة في الرباط، فإن 1 من كل ثلاثة أشخاص بالمغرب لا يتوفرون على مراحيض لائقة، و34 في المائة من سكان القرى يفتقرون إلى المرافق الصحية، فيما تعرف 6000 مدرسة عبر ربوع المملكة غياباً للتجهيزات الصحية، الأمر الذي يعتبر عاملاً من عوامل الهدر المدرسي، خصوصاً لدى الفتيات. وتطالب جمعية النساء للبيئة بمراحيض عمومية محترمة للجميع، لما لها من أهمية في حياة المواطنين، كما تؤكد أن توفير مراحيض نظيفة ولائقة يساهم في تجنب العديد من الأمراض كالإسهال الفيروسي والبكتيري، والكوليرا، والكساح، والأمراض الطفيلية، والتهابات المسالك البولية.