استحسن عدد كبير من ساكنة مدينة سيدي سليمان، وبعض فعاليات المجتمع المدني، مبادرة تنظيف وتزيين شارع محمد الخامس لاسترجاع جماليته ورونقه المفقود منذ سنوات، بعدما تمت تنقية أرصفته من الأتربة والقمامة وصباغتها لإعطاء صورة نظيفة للشارع بعدما كان يعتبر من أسوأ شوارع المدينة. وموازاة مع هذه المبادرة، أقدم المجلس الجماعي على اجتثاث حوالي 143 شجرة كانت منتصبة على طول شارع محمد الخامس لسنوات طويلة، الأمر الذي أثار تساؤلات الرأي العام المحلي الذي انتقد بشدة هذه العملية، نظرا لما تشكله من إخلال بالمجال البيئي، ما سينعكس سلبا على صحة الساكنة وذاكرة المدينة وجماليتها. خديجة ازعيتراوي، أستاذة التعليم الثانوي التأهيلي، قالت إن "اجتثاث الأشجار يجب أن يكون له سبب مقنع، كأن تكون عائقا أمام إصلاح الشارع أو توسيعه، على أساس أن يتم غرس أشجار أخرى مكانها"، مؤكدة أن "اجتثاث أشجار شارع محمد الخامس كان بطريقة وحشية دون مراعاة قواعد الاجتثاث، بناء على الصور التي تناقلتها مختلف صفحات مواقع التواصل الاجتماعي". وأضافت رئيسة الجمعية المغربية للبيئة والمواطنة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "سكان المدينة ونواحيها كانوا يستظلون بهذه الأشجار عندما يتوافدون على الشارع سالف الذكر لزيارة مرافقه التجارية في وقت الحر"، معتبرة أنها "تُلَطف الجو وتخفف من التلوث الذي يعرفه المكان بفعل حركية السيارات والدراجات النارية طيلة اليوم". وأدانت ازعيتراوي هذا العمل "الذي يتنافى وتوصيات قمة المناخ التي انعقدت في بلادنا في مراكش سنة 2016"، مشيرة إلى أن "التوجهات العالمية للحماية من التغيرات المناخية هي زراعة الأشجار، لأنها تعطي الأوكسجين وتمتص غاز ثاني أوكسيد الكربون"، ومؤكدة أن "الحفاظ على البيئة يجب أن يكون سلوكا راسخا في ممارستنا اليومية"، وواصفة ما وقع في سيدي سليمان ب"الجريمة في حق البيئة". عادل البقالي، أستاذ ومهتم بالمجال البيئي، قال إن "الأشجار التي تشكل خطرا على الساكنة والمارة أو على سير السيارات هي التي يجب أن تقطع، أما تلك التي لها جمالية ولا تشكل خطرا لا يجب قطعها بأي حال من الأحوال". وشدد المتحدث نفسه، في تصريح لجريدة هسبريس، على ضرورة "احترام المعايير القانونية والمواصفات البيئية في القيام بالعملية"، متسائلا عن "مدى احترام المجلس الجماعي لهذه المعايير"، ومطالبا ب"تعويض الأشجار المقطوعة بأخرى أكثر جمالية حتى تضاهي مدينة سيدي سليمان كبريات المدن المغربية في جماليتها". من جهته قال شهيد لزعر، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، فرع سيدي سليمان، إن "الأشجار تلعب دورا مهما في الحفاظ على رطوبة الجو وإنتاج الأوكسجين، خصوصا في الفترة الزوالية التي تعرف درجة حرارة مرتفعة في المدن غير الساحلية، كمدينة سيدي سليمان"، مضيفا أنه مع العملية "إذا أصبحت هذه الأشجار متهالكة ومضرة بصحة الإنسان". وأردف المتحدث ذاته بأنه "ضد العملية إذا كانت عشوائية ولم يكن لها تصور مسبق وتخطيط قبلي"، مشيرا إلى أن "الأشجار التي قطعها المجلس الجماعي يجب أن تعوض بأشجار جديدة"، ومتوجها إلى رئيس المجلس الجماعي بالقول: "إذا كان لديكم تصور مسبق ومدروس للعملية سننتظركم للخروج به وتنفيذه في أقرب الآجال، أما إذا كان قرارا اعتباطيا وعشوائيا، فأنتم خاطئون ولستم في مستوى التسيير ولن نسكت عن هذه الجريمة التي قمتم بها". هسبريس اتصلت بطارق العروصي، رئيس المجلس الجماعي لمدينة سيدي سليمان، الذي عوّدنا على تواصله الدائم، فطلب مهلة قصيرة ليعاود الاتصال من أجل توضيح جميع الأسئلة التي نقلتها إليه الجريدة حول الموضوع، إلاّ أنّ التواصل لم يتمّ حسب الوعد والموعد المقدّمين. ورغم ذلك عاودت هسبريس الاتصال مرّات متعدّدة بالمعني بالأمر، إلاّ أن هاتفه ظل يرن دون مجيب. وحدها مجموعة الجماعات الترابية "بني احسن للبيئة" بإقليم سيدي سليمان قدمت توضيحا لعموم المواطنين في صفحتها على "فايسبوك"، موردة: "بناء على ما تعرضت له العديد من الأشجار التي نخرها السوس بالشارع المذكور، إذ إن بعضها بات يعرقل حركة مرور الراجلين، وسعيا من السلطات المحلية إلى المساهمة في جمالية شارع محمد الخامس والقطع مع كافة مظاهر فوضى احتلال الملك العمومي، فإنه وعبر التنسيق بين مجموعة الجماعات الترابية والمجلس البلدي لسيدي سليمان والسلطة المحلية، تقررت إزالة جميع الأشجار المعنية بما سبق ذكره، واستبدالها بأغراس جديدة تليق بجمالية شارع محمد الخامس، مثلما تقرر وضعها بعيدا عن الرصيف والممرات المخصصة للراجلين. كما وجب التنبيه الى أنه تم تسليم قطع الأخشاب للمسؤولين بالمستودع البلدي وفق محاضر موقع عليها من قبل السلطة المحلية والمجلس البلدي ومجموعة الجماعات الترابية وشركة النظافة".