دعا أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى إحداث دخل أدنى للمسنين كشكل من أشكال التضامن بين المغاربة، لمواجهة التداعيات المستقبلية للتحول الديمغرافي الذي سينتج عنه ارتفاع في فئة 60 سنة فما فوق. وقال الشامي، في كلمة ألقاها في منتدى الاحتياط الذي نظمه صندوق الإيداع والتدبير اليوم الاثنين في الرباط، إن هذا التقاعد يجب أن يشمل المسنين لكي يتمكنوا من قضاء فترة تقاعدهم في هناء. وتستخدم عدد من الدول هذا الدخل الخاص بالمسنين الذين ليس لهم حد أدنى من التغطية الاجتماعية، وفي فرنسا يشمل هذا الأمر المسنين الذين لا يتوفرون على موارد، وتصل قيمته 868 يورو. وأشار الشامي إلى أن نظام الحماية الاجتماعية الحالي بالمغرب يغطي بشكل محدود الساكنة المُسنة بسبب الاختلالات التي تهدد استدامته، بحيث يقل مبلغ المعاشات المخصصة لجزء كبير من المتقاعدين عن "السميك" (SMIG). وتكشف الأرقام التي قدمها الشامي أن نصف المتقاعدين المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يتقاضون معاشاً شهرياً يقل عن 1500 درهم. كما أن 24 في المائة فقط من الأشخاص المسنين لديهم تغطية تقاعد، أي ما يمثل 868 ألف شخص من ساكنة إجمالية تبلغ حالياً 3.5 ملايين شخص. وقال الشامي إن "هذه الأرقام يجب أن تُخيفنا كثيراً". ومن أجل تعزيز التماسك الاجتماعي، أكد الشامي "الحاجة لاستثمار التضامن كعنصر أساسي، والسبيل لذلك هو إحداث أجر أدنى للشيخوخة لضمان أن يكون الجميع مشمولاً بالتغطية، عوض أن يكون لنا مغربان، مغرب فيه أشخاص بتقاعد ومغرب فيه أشخاص بدون تقاعد". وأورد الشامي أن المغرب يُوجد في مرحلة انتقال ديمغرافي مهم، معتبرا أن "هذا الانتقال يوفر فرصة مواتية لمدة عشرين سنة لتحقيق نمو اقتصادي لا يقدر بثمن شريطة تقوية عدد المواطنين المشتغلين واعتماد سياسات مناسبة". لكن المغرب، حسب الشامي، لم يصل بعد إلى الاستفادة من هذا الربح على اعتبار أن معدل النشاط المسجل في المملكة غير كاف؛ بحيث يُعتبر من بين أضعف النسب في العالم؛ إذ لا تتجاوز 46 في المائة، في حين إن نسبة التشغيل في حدود 41 في المائة، و"هذا يعني أن فقط 40 في المائة من السكان في سن الشغل يساهمون، في حين 60 في المائة منهم لا يساهمون". من جهته، قال حسن بوبريك، رئيس هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، إن معدل الولادة في المغرب انخفض بشكل كبير في العقود الأخيرة، كما أن التوقعات المستقبلية تُفيد بأن المنحى سيرتفع لتصبح فئة المسنين أكبر. وقال بوبريك إن هذا الأمر يجعل "المغرب أمام رهان كبير، أي كيف يُمكن رعايتهم (المسنون) وكيفية تمويل الأنظمة الاجتماعية، سواء في شقها المتعلقة بالتقاعد أو التغطية الصحية". وتفيد الأرقام التي قُدمت في المنتدى بأن الأشخاص في سن 60 سنة فما فوق بالمغرب سيُصبح عددهم 10 ملايين سنة 2050، مقابل 3 ملايين سنة 2014. وستصبح نسبة المسنين حوالي 23 في المائة من الساكنة الإجمالية سنة 2050، مقابل 9 في المائة سنة 2014 و7 في المائة سنة 1994. ومقابل ارتفاع نسبة المسنين، ستُسجل الفئة العمرية ما بين 18 و24 سنة تراجعاً، بحيث ستصل إلى 4 ملايين نسمة سنة 2050، أي بانخفاض نسبته 10 في المائة مقارنة مع أرقام سنة 2014. وتكشف أرقام صندوق الإيداع والتدبير أن ما يقارب 2,8 مليون من المواطنين والمواطنات لا يتوفرون على معاش التقاعد، وتتأثر هذه الشريحة من المجتمع بتدهور حالتها الصحية، وبتحول الهياكل الأسرية الممتدة إلى أنماط الأسر النووية، وكذا عدم الاستقرار الناتج عن التوقف عن العمل. كما يُبين هذا الوضع ضُعف التغطية المُخصصة لهذه الفئة الديموغرافية، وهو ما يتوجب على الدولة مواجهته بإصلاح أنظمة التقاعد وتوسيع قاعدة المنخرطين لضمان ديمومة هذه الأنظمة وتقديمها لخدمات ومعاشات مناسبة.