صدر قبل أشهر معدودة، كتاب لا يخلو من أهمية ملحوظة على مستوى التعاطي مع تاريخ المغرب، بخاصة من ناحية "المنهج" (بمعناه العام)، وعلى نحو ما هو متبّع في التعاطي مع الموضوع. ونقصد هنا كتاب الباحث امْحمَّد جبرون الموسوم ب"تاريخ المغرب الأقصى من الفتح الإسلامي إلى الاحتلال" (قطر، 2019) (600 صفحة تقريبا). ويتطلّع صاحب الكتاب، في ضوء "فرضيات" (مسطّرة) كما يسمّيها، إلى كتابة تاريخ المغرب الأقصى على امتداد نحو اثني عشر قرنا، مع التركيز على التحوّلات الكبرى والمفصلية التي عرفها المغرب الأقصى على صعيد الدولة (ابتداءً)، ثم المجتمع فالثقافة. الأمر الذي جعله يقسّم عمله إلى ثلاثة أبواب رئيسة، هي كالتالي: الباب الأول: المغرب الأقصى من الفتح إلى عصر الدول الكبرى. الباب الثاني: المغرب الأقصى في عصر الدول الكبرى (المرابطون، الموحدون، المرينيون). الباب الثالث: المغرب الأقصى في العصر الحديث (السعديون والعلويون). والملاحظ أن الباحث غيّر بعض الشيء على التحقيب المعتمد الغالب بين من اشتغلوا على كتابة تاريخ المغرب. ويبدو جليا اعتماده تحقيبا يقوم على "العصور" من خلال الدول (الإسلامية) المتعاقبة على حكم المغرب. غير أن هذا التحقيب أو التقسيم (كما يصفه) لم يجعله يسلم من بعض الاعتراض الذي صدر عنه بنفسه. يقول موضّحا: "يبدو من خلال هذا التقسيم أننا نميّز بين عصرين أساسين في سَوق أحداث هذا التاريخ: العصر الوسيط والعصر الحديث، وهو تمييز نساير فيه الأدبيات التاريخية ليس إلاّ، ولسنا مقتنعين بخلفياته المعرفية، ومطابقته واقع الأحداث في المغرب الأقصى". وهناك من يفترض أن العهد الحديث لم يبدأ في العالم العربي إلا مع الاحتلال الاستعماري؛ ومعنى ذلك أن الاستعمار كان وراء "قطيعة" بين القرون الوسطى والأزمنة الحديثة" (Temps Modernes) في التاريخ العربي. وحتى نعود إلى باحثنا، فالظاهر من خلال تقسيمه أو خارطة عمله، أنه يعتمد، وباصطلاح عبد الله العروي في كتابه "مفهوم التاريخ"، منطق "التتابع والتوالي" بدلا من منطق "التساكن والتلازم". لكن ألا يمكن القول إن الباحث أوّل من يعي بهذا المنطق؟ وألا ينطوي منطق "التتابع والتوالي" بدوره على أهمية على مستوى "التأليف التاريخي"، بخاصة وفق "المنهجية المسطرة" من قبل الباحث؟ ثمة أعمال تصنيفية حرصت على التأريخ للمغرب بالرجوع إلى فترات سابقة على ظهور الإسلام أو ما نعته إبراهيم حركات في مقدمة كتابه "المغرب عبر التاريخ" ب"الفترات الغامضة" في عصور المغرب. وكان للباحثين الأجانب، هنا، حضورهم. أمّا الباحث، فقد جنح إلى "الفتح الإسلامي" للمغرب. من ثَمَّ، ومن منظور معياري، الإسلام من حيث هو معطى تاريخي في العمل... بالنظر للتحوّل الجذري الذي سيحدثه (الإسلام) في مجرى التاريخ بالمغرب. فاتصال المغاربة الأوّل بحملة الديانة الإسلامية القادمة من بعيد، وعلى مستوى الهوية التاريخية، أصبح فيما بعد نقطة بدء للتاريخ بالنسبة للمغاربة، كما يقول محمد القبلي في كتابه "جذور وامتدادت". وحتى نحافظ على لغة العمل، وليس هناك ما هو أصعب من التلخيص باعتباره "آلية تأويلية" (كما لا يخفى على البعض)، فقد ظهر العرب المسلمون بالمغرب الأقصى في أواخر القرن السابع الميلادي والنصف الثاني من المئة الأولى للهجرة، فوجدوا أمامهم خلقا لا يحصون، وأمما وممالك مختلفة، وحضارة ضاربة في القدم. والجدير بالذكر في هذا السياق، كما يواصل الباحث، أن هذه الوحدات السياسية لم تكن تتخذ شكل دول لها نظامها السياسي والمالي والعسكري القار، القابل للوصف، بل كانت في غالبيتها تنتظم ضمن نظم قبلية عريقة تناسب حياة البدو والترحال التي كان يحياها معظم سكان المغرب الأقصى في ذلك العهد. أجل سيعمل الفاتحون على تغيير الأوضاع تغييرا جذريا في المغرب الأٌقصى، لكن بعد مقاومة شديدة لاقوها بإفريقية وما جاورها غربا من طرف الروم وحلفائهم من الأمازيغ، الأمر الذي جعل الفتح بطيئا. إضافة إلى عجز الأمويين والعباسيين، من بعدهم، عن استعادة السيطرة على المغرب الأقصى؛ ما أتاح الفرصة لعدد من القوى المحلية والكيانات الجهوية والإقليمية لتأسيس كيانات سياسية مستقلة عن الشرق في مناطق مختلفة من المغرب الأقصى. ويرى الباحث في الإمارات المغربية المستقلة، قبل القرن الرابع الهجري، تعبيرا وترجمة للانقسامات التقليدية التي كانت سائدة قبل الإسلام. فما حصلّ، بلغته، هو توليفها "ثقافيا" إسلاميا. لقد ظلّ المغرب الأقصى ولاية نائية من ولايات الخلافة الأموية. وظلت الكيانات سالفة الذكر تستبدّ بحكم المغرب مدّة ليست بالقصيرة، حيث استمر بعضها في الحكم محافظا على استقلاله، إلى ظهور الدولة المرابطية التي ستنجح في استعادة الوحدة السياسية للمغرب الأقصى ودمج أقاليمه السياسية في بعضها البعض. لقد ظهر المغرب الأقصى بوصفه "كيانا سياسيا تاريخيا واضحا" ابتداء من القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي على عهد المرابطين. ومن ثمّ الدولة المرابطية (427/1035 541ه/1146م) على مستوى التأسيس والدخول للعصر الوسيط. وتحقّق ذلك بعد "مركزة المجال وتوحيده"، بلغة محمد القبلي. ويعدّ الباحث الدولة المرابطية، في شكلها وأدائها، تطوّرا نوعيّا في التاريخ السياسي للمغرب الأقصى. فهي من جهة تجاوز للتجارب السياسية التي مرّ بها المغرب الأقصى قبل الفتح الإسلامي، ومن جهة ثانية تجاوز لحالة اللا استقرار والخضوع للقوى الإقليمية التي عاشها المغرب في القرون التي أعقبت الفتح. فقد "منح المرابطون المغرب هويته السياسية والمذهبية التي لم تفارقه إلى اليوم"، كما في خلاصة الباحث. إضافة إلى أن دولتهم، من منظور العمل دائما، ستشكّل الإطار السياسي والتاريخي لاستقلال المغرب الأقصى وعمرانه الحضاري. كذلك ستتحمل دولتهم "عناء بناء الإطار" الذي سيعتمده من جاء بعدهم من الحكام والدول؛ وذلك كلّه في دلالة على "وسع استعدادهم الحضاري". لذلك، ليس غريبا أن تقوم الدولة الموحدية (514/1120 668ه/1269م) على أنقاض الدولة المرابطية؛ وذلك استنادا إلى "شرعية دينية ومقالة كلامية نقدية"، ومغايرة في كثير من عناصرها لما كان عليه الملثمون. وقد ساهم في توضيبها وتنسيق عناصرها إمامها محمد بن تومرت. وقد مكّنت المقالة الدينية إضافة إلى عناصر أخرى، في مقدّمها العصبية المصمودية، الموحّدين من تشييد دولة أكثر تطوّرا من سابقتها على صعيد المؤسّسات والنظم؛ ما مكّنها من النجاح في عدد من المهام التي لم ينجح فيها المرابطون من قبلهم، وتحقيق توسّعات ترابية مهمة. وفي هذا "السياق الإمبراطوري"، ضمّ الموحدون إلى نفوذهم أفريقية ووصلوا برقة، متجاوزين بذلك الحدود المرابطية في الشرق. ويبقى أهم مستجد إداري وسياسي عرفه العهد الموحدي هو تعزيز الصلات بين المركز والأطراف، ونهج سياسة مركزية غير مسبوقة. إضافة إلى ما تكرّس مع الدولة الموحدية من انتماء سنيّ إلى بلاد المغرب، خاصة على مستوى العقيدة، وتحقق ذلك بتبني المذهب الأشعري بعد أن بذل ابن تومرت جهدا مضنيا لنشره بين المغاربة وفيما بعد تأكيد سلطته المرجعية بينهم. وخلاصة الباحث أن الدولة الموحدية من أكبر الدول التي تعاقبت على حكم المغرب الأقصى، ومن أعمقها أثرا من الناحية السياسية والحضارية في تاريخ هذا المجال؛ ذلك أن الكثير من ميراثها ما يزال حاضرا بيننا إلى اليوم مثلما ما يزال دالا على عظمتها التاريخية. ولعله من المفيد أن نضيف، هنا، مع العلامة محمد المنوني في كتابه "حضارة الموحدين"، أن المغرب، في عهد الموحدين، ومن أثر هجرة حجم كبير من العرب إليه، طبع نهائيا بالطابع العربي، وارتكزت فيه اللغة العربية والدم العربي على أساس وإلى الأبد. يصل الباحث ما بين المرينيين والوطاسيين (610/1213 – 961ه/1553م)، ويصل ما بينهما من منظور خطاطة "القبيلة، الدولة، السقوط". وعلى مستوى التشكّل الكرونولوحي والتموقع الخرائطي بين الدول، يعدّ الدولة المرينية تطورا نوعيا في التجربة السياسية المغربية في العصر الوسيط، فهي تختلف في كثير من الجوانب عن التجارب التي سبقتها، خاصة التجربتين المرابطية والموحدية. والدولة المرينية، من حيث شرعيتها، وفي حال دعواها السياسية تعيينا، لم تتأسس على مقالة دينية أو دعوة أخلاقية، بل تأسّست في الجوهر على شرعية مدنية وتاريخية. وقد جاءت هذه الشرعية جوابا على أوضاع أمنية وسياسية متدهورة، وقد التف حولها المغاربة طوعا وكرها لأجل هذه الغاية. فالمشروع الإصلاحي المريني قد جاء متأخّرا عن الحكم لا متقدّما، إذا جاز أن نضيء الفكرة أكثر بلغة محمد القبلي. وبالرغم من التطوّر الذي عرفته شرعيتها مع مرور الوقت وتطعيمها بعناصر النسب والصلاح والشرف والجهاد، فإنها في الحقيقة كانت "مجرد متمّمات"، بلغة باحثنا. وحتى إن لم تكن الدولة في الطور المريني، بالنسبة إلى مجتمع المغرب الأقصى، مطلبا أخلاقيا ودينيا صرفا، بل كانت مطلبا سياسيا تاريخيا له موجباته المدنية المعقولة، والبعيدة عن الدين بمعناه الضيق، فإن ذلك لا يحول ذلك دون عدّها من الدول الكبرى المهمة التي حكمت بلاد المغرب الأقصى، طالما أنه كان لها بدورها أثر قوي في هوية هذه البلاد وبنيانها الحضاري. وما تزال الكثير من مآثرها، كما في خلاصات الدارس مع الدول السابقة، شاهدة على عظمة إسهامها التاريخي والحضاري. وأهم ما يفرض ذاته في سجّل الدولة المرينية، من ناحية التعثر، هو ضعف "مؤسّسة المخزن" وتراجعها. من ثمّ "غلبة الوطاسيين" نتيجة المآل السياسي الذي آل إليه نظام الحكم المريني، خاصة حال استبداد الوزراء وتغلبهم على السلاطين. ومن ثمّ "التجربة السياسية الوطاسية" بما هي تطوّر نوعي داخل الدولة المرينية ذاتها؛ ذلك أن الوطاسيين، من حيث النسب هم "زناتيون، مرينيون"، في دلالة على قبيلة زناتة التي ارتبطت بها الدولة المرينية. وهي قبيلة كبيرة كانت منتشرة بين المغرب الأوسط والشمال الشرقي للمغرب الأقصى. وبالجملة، سيكون المرينيون في أساس "انتقال تاريخي صعب"، كما يصفه الباحث، وبموجب هذا الانتقال سيتحوّل المغرب سياسيا واجتماعيا وثقافيا من العصر الوسيط نحو العصر الحديث (961/1553 1331ه/1912م) وعلى نحو ما ستتكرّس حقائق هذا العصر ومظاهره في العهد السعدي. ويعدّد الدارس مظاهر الانتقال في: ظهور المغرب الأقصى ككيان سياسي مستقل، وانقسام بلاد المغرب إلى المغارب الثلاثة (الأقصى والأوسط والأدنى)، والتحوّل الاجتماعي الكبير الذي شهده المجال المغربي بدخول العرب، والتحرّكات القبلية على صعيد المجال، والثورة الروحية والثقافية الكبيرة التي شهدها المغرب الأقصى في هذا العهد. وهي "كلّها مظاهر أساسية لهذا الانتقال التاريخي الصعب الذي تحمل عناءه المرينيون"، بلغة الباحث. وقد حكمت الدولة السعدية (961/1553 – 1069ه/1658م) المغرب الأقصى قرابة قرن من الزمان، وتعد بدورها من الدول الكبرى التي حكمت هذا الأخير. واللافت أنها غايرت الدول التي سبقتها على مستوى عصبيتها التي لم تستند إلى عصبيّات قبَلية كبرى ونافذة بالمغرب مثل صنهاجة ومصمودة وزناتة، أو "الأصول الأمازيغية الثلاثة الكبرى"، كما ينعتها محمد القبلي، في نطاق "هاجس النسب". لقد استندت الدولة السعدية في عصبيتها إلى عنصر معنوي مغاير هو عنصر "الشرف". وقد التفّ المغاربة عليها، مثلما قدّموها للولاية، لنسبها الشريف وللبركة المرجوة منه وليس لسبب آخر، من منظور الباحث. وقد عاشت الدولة السعدية ثلاثة أطوار مختلفة، متقاربة فيما بينها من حيث المدّة، غير أن الغالب عليها كان هو الاضطراب والصراع مع قوى الداخل والخارج. من ثمّ الدولة العلوية، أو "الدولة العلوية: من الظهور إلى الاحتلال (1050/1640 – 1330ه/1912م)"، من منظور التحقيب الذي يعمل به العمل. والدولة العلوية، التي ما زالت مستمرة إلى اليوم، هي الأخرى من أبرز الدول التي تعاقبت على حكم المغرب. وقد استطاعت الحفاظ على استقرار المغرب ووحدته بالرغم من الظروف الصعبة التي ظهرت في سياقها داخليا ودوليا، حيث الفتن والانقسام الداخلي الحاد والضغط الامبريالي على السواحل المغربية. وقد ساعدت العلويّين على تحقيق أهدافهم السياسية، دون غيرهم من القوى التي كانت تنافسهم على حكم المغرب، جملة من الأسباب، يعدّد الباحث أبرزها في: المصداقية السياسية التي تمتعوا بها بين الأهالي في الجنوب الشرقي المغربي، وانتسابهم للدوحة النبوية، إضافة إلى كفاءة قادتها الأوائل. ويخصّ الباحث تاريخ الدولة العلوية، مقارنة بغيره من التواريخ، ب"الدينامي المتحوّل"، وكذلك اختلافه في كثير من الأوصاف عن تواريخ الدول التي سبقت الدولة العلوية، علاوة على الواجهة السياسية التي فرضت نفسها أكثر في حال الدولة العلوية. وبالجملة، تبقى إنجازاتهم السياسية، التي أنجزوها إلى فترة الحماية، متواضعة. ويغلب عليها الطابع العسكري والأمني بحكم الظروف الأمنية الصعبة التي مرّ بها المغرب في عهدهم. لذلك لم يتح لهم من الاستقرار والهدوء ما يسمح لهم ببناء قاعدة تحديثية صلبة. وكان مقتل الطبيب الفرنسي موشان، بمدينة مراكش، ذريعة فرنسا لاحتلال وجدة. ومن بعد، وبخاصة في ظل الفوضى الداخلية التي عرفها المغرب، توقيع الحماية في 11 ربيع سنة 1330 ه/ 30 مارس 1912م، الأمر الذي خوّل لفرنسا استعمار المغرب بعد تسوية مشاكلها مع عدد من الدول الأوروبية المنافسة. ويخلص الباحث إلى أننا انتهينا إلى كيان سياسي هو "المغرب الأقصى"، وقد تأسّس على أصل أخلاقي/ ديني، أو على الأصح كان هذا العامل الحاسم في التحول السياسي الذي شهدته المنطقة من بقية العوامل الأخرى. فالدول المتعاقبة على حكم المغرب الأقصى، بدءا من المرابطين إلى العلويين، انطلقت في دعواها السياسية وطلبها الملك من مقالة دينية ووجهة نظر أخلاقية، باستثناء الدولة المرينية التي تأسّست على اعتبارات مدنية من قبيل الأمن والاستقرار، وطعمتها بعد ذلك باعتبارات أخلاقية من قبيل الاهتمام بالشرفاء والمالكية. والخلاصة الموازية أن هذا الكيان ما كان له أن يبلغ ما بلغه لولا الإسلام الذي جعل، إضافة إلى عوامل تاريخية أخرى، من الوحدة السياسية للمغرب الأقصى أمرا ممكنا ومتاحا بالرغم من التباينات الجغرافية. ولأن العودة إلى الماضي تظل مشغولة بثقافة الباحث، وبثقل الحاضر وتطلعات المستقبل، فالمغرب الأقصى الذي استأنف تاريخه الإسلامي ولاية نائية من ولايات الخلافة الأموية، ليتحوّل إلى قوة إمبراطورية كبيرة ومؤثرة، لم ينجح في الحفاظ على تفوقه وريادته. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: لماذا عجز المغرب في عهد المرينيين والسعديين عن التمكّن من أسباب الحداثة وشروطها التي تضمن له النفوذ والقوة على الصعيدين الداخلي والخارجي؟ وجوابه الذي يقفل به الكتاب "كان بإمكانه ذلك، لكنه عجز". و"لو أنه نجح في ذلك العهد في تأسيس صناعة بحرية قوية، لكنا أمام تاريخ آخر للمغرب غير التاريخ المذكور في هذه الصفحات". الكتاب، بحسّه الثقافي العام وبتدرّجه البيداغوجي، وبعتاد الباحث ابتداءً، مفيد أيضا، وربما في المقام الأوّل لغير أهل الاختصاص في مادة التاريخ (تاريخ المغرب). وما أحوج مكتباتنا لمثل هذا لنوع من الكتابة التاريخية السلسلة في أفق التفكير في مشكلات الأمّة والهوية ومن منظور التعاطي مع سياسات الذاكرة والمعرفة بالماضي. أمّا التعاطي مع الكتاب من منظور تحليلي نقدي، فهو ما سنرجئه إلى بحث مفصّل في المقبل من الأيّام.