أعلنت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة- إيسيسكو- إشادتها بمضامين وتوجهات "وثيقة مكةالمكرمة"، التي اعتمدها اليوم علماء ومفكرون من 139 دولة من مختلف المذاهب والطوائف، شاركوا في ختام أعمال المؤتمر الإسلامي الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في مكةالمكرمة. المؤتمر نظم خلال الفترة من 27 إلى 29 مايو الجاري حول "قيم الوسطية والاعتدال في نصوص القرآن والسنة"، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. وفي هذا الصدد قال سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، إن "وثيقة مكةالمكرمة حددت بشمولية وعمق وبعد نظر إستراتيجي مجالات وآفاق العمل الإسلامي المشترك"، داعيا الدول الأعضاء والمسلمين خارج العالم الإسلامي إلى "الاسترشاد بتوجهات الوثيقة والعمل على تطبيق مضامينها". ودعت الوثيقة إلى "التصدي لممارسات الظلم والصدام الحضاري وسلبيات الكراهية، والتنديد بدعاوى الاستعلاء البغيضة"، مشددة على أن "التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يُبرر الصراع والصدام، بل يستدعي إقامة شراكة حضارية إيجابية"، وداعية إلى "الحوار الحضاري بصفته أفضل السبل إلى التفاهم السوي مع الآخر، والتعرف على المشتركات معه، وتجاوز معوقات التعايش، والتغلب على المشكلات ذات الصلة". وثيقة مكةالمكرمة طالبت أيضا بسن التشريعات الرادعة لمروجي الكراهية، والمحرضين على العنف والإرهاب والصدام الحضاري، كما دعت إلى "مكافحة الإرهاب والظلم والقهر، ورفض استغلال مقدرات الشعوب وانتهاك حقوق الإنسان"، معتبرة أن "أطروحة الصراع الحضاري والدعوة إلى الصدام والتخويف من الآخر مظهر من مظاهر العزلة، والاستعلاء المتولد عن النزعة العنصرية، والهيمنة الثقافية السلبية، والانغلاق على الذات". وحذرت الوثيقة عينها من أن ظاهرة "الإسلاموفوبيا" وليدة عدم المعرفة بحقيقة الإسلام وإبداعه الحضاري وغاياته السامية، مؤكدة على "ترسيخ القيم الأخلاقية النبيلة"، مع الدعوة إلى "تحصين المجتمعات المسلمة، والأخذ بها نحو مفاهيم الوسطية والاعتدال، واحترام المواطنة الشاملة". وأقرت وثيقة مكةالمكرمة مبادئ التمكين المشروع للمرأة ورفض تهميش دورها، أو امتهان كرامتها، داعية إلى العناية بالطفل صحياً وتربوياً وتعليمياً، وتعزيز هوية الشباب المسلم وحمايته من أفكار الصدام الحضاري والتعبئة السلبية ضد المخالف، والتطرف الفكري بتشدده أو عنفه أو إرهابه، وتسليحه بقيم التسامح والتعايش بسلام ووئام؛ وأوصت بأهميةَ إيجادِ منتدىً عالميٍّ (بمبادرة إسلامية) يعنى بشؤون الشباب بعامة، يعتمد ضمن برامجه التواصل بالحوار الشبابي البناء مع الجميع في الداخل الإسلامي وخارجه؛ تلافياً لغيابٍ مضى أحدث فراغاً، وعاد بنتائجَ سالبةٍ. كما دعت الوثيقة إلى "تجاوز المقررات والمبادرات والبرامج كافةً طَرْحَها النظري، وبخاصة ما يتعلق بإرساء السلم والأمن الدوليين، وإدانة أساليب الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والتهجير القسري، والاتجار بالبشر، والإجهاض غير المشروع"، وأكدت في الأخير أنه "لا يُبْرِم شأن الأمة الإسلامية، ويتحدَّث باسمها في أمرها الدينيّ، وكل ذي صلة به، إلا علماؤها الراسخون في جمع كجمع مؤتمر هذه الوثيقة، وما امتازت به من بركة رحاب قبلتهم الجامعة".