لشهر رمضان المبارك في غانا ميزة خاصة حيث يمثل بالنسبة لأفراد الجالية المغربية المقيمة في أكرا فضاء زمنيا للتقوى والتعبد، وأيضا تشبثا عميقا بالتقاليد وشغفا روحيا. وككل عام ، يحتفل افراد الجالية المغربية بشهر رمضان في أجواء تطغى عليها التقاليد العريقة للمملكة، في هذا البلد الواقع بغرب إفريقيا ذي الأغلبية المسيحية. وعلى الرغم من أن الاجواء الرمضانية لا تشبه السائدة في الوطن الأم ، فإن مغاربة أكرا يحرصون على المحافظة على تقاليدهم بنوع من الغيرة، من خلال الاهتمام بأدق التفاصيل، حتى يمر هذا الموعد السنوي في جو مغربي مائة بالمائة. لطيفة، التي حلت منذ ثلاث عشرة سنة بأكرا ، لا تستطيع التخلص من الشعور بالحنين إلى الجو الروحي الذي يسود بالمملكة خلال شهر رمضان، خاصة في الدارالبيضاء، المدينة التي ترعرعت فيها. وصرحت المتحدثة بأن هذه الذكرى ليس لها مثيل، حتى لو كانت هناك محاولات لإعادة خلق نفس الجو مع أعضاء الجالية المسلمة في غانا. وقالت لطيفة، وهي متزوجة وأم لثلاثة أطفال، "أحاول إعادة خلق أجواء روحية في رمضان عبر مشاهدة القنوات المغربية والاستماع إلى البرامج الدينية". ومن جانبها، تنشغل ليلى بإعداد أطباق شهية لمائدة الافطار المحضرة وفقا للتقاليد المغربية الخالصة مع "الحساء الشهير (الحريرة) والتمر والشباكية وبريوات والسفوف والملاوي والبغرير". وأضافت أنه "وبعد يوم طويل من الإمساك ،لا شيء يعادل أن يعيش المرء الأجواء التي تميز هذا الشهر المبارك، عبر التواجد حول مائدة إفطار مليئة بمأكولات مغربية شهية ". وللمحافظة على هذه الأجواء الروحية في منزلها خلال شهر رمضان، تحرص ليلى في إعداد ركن في بيتها للصلاة والذكر طيلة هذا الشهر المبارك لغرس قيم الإسلام في نفوس أطفالها. أما بالنسبة لعبدالله، وهو إطار في شركة متعددة الجنسيات، فإنه يفضل ارتداء الزي المغربي التقليدي "كندورة أو جلابة" ليعيش أجواء وطقوس هذا الشهر الفضيل . وأكد أنه "وبعد الإفطار ، كل يوم أرتدي كندورة أو جلبابا لأداء صلاة العشاء والتراويح ، الأمر الذي يجعلني أشعر كأني في بلدي". ومن جهة أخرى، أبرز الضرورة الملحة لتوفير مكان يتيح الالتقاء لأفراد الجالية المغربية في العاصمة الغانية، إما في مركز ثقافي أو بيت المغرب، المهم إطار يجمع أو فضاء للاجتماع يساعد على الاحتفاظ بالروابط مع البلد الأم. وقال "نحاول أن نلتقي بعد صلاة التراويح لتناول فنجان من القهوة وتبادل أطراف الحديث وتقاسم ذكرياتنا في الوطن الأم ، لكن يجب أن نفكر في إنشاء جمعية أو مركز للاجتماع بشكل منتظم". تشكل الأجواء الروحية عنصرا مهما لأفراد الجالية المغربية المقيمين في أكرا، بعد الإفطار، حيث يذهبون كل ليلة إلى المسجد لأداء صلاة التراويح طيلة شهر رمضان. كما أن شهر رمضان هو أيضا وقت ملائم لإظهار تضامنهم مع الفقراء، من خلال تنظيم زيارات من وقت لآخر إلى دور الأيتام أو توزيع الطعام على المحتاجين. إن حلول هذا الشهر الكريم يمثل إذن حدثا كبيرا للمغاربة الذين يعيشون في أرض "أكوابا" ( تعني مرحبا في لغة أكان)، والذين يظلون فخورين ومخلصين لانتمائهم إلى بلد ذي تقاليد ثقافية وروحية عريقة. و.م.ع