تظاهر الجزائريون في يوم الجمعة الثاني عشر على التوالي، الأول منذ بداية شهر رمضان، والذي يمكن أن يؤثر فيه الصوم والتعب المتراكم على مستوى التعبئة ضد النظام وضد الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليوز القادم. وبدت التعبئة قوية بعيد صلاة الجمعة تحت سماء صافية ودرجة حرارة تلامس الثلاثين. وغصت شوارع عدة حول ساحة البريد المركزي بالمحتجين الذين هتفوا "قايد ارحل، بدوي ارحل، بن صالح ارحل" في إشارة إلى قائد أركان الجيش احمد قايد صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي والرئيس بالوكالة عبد القادر بن صالح. وكان الفريق قايد صالح اعتبر لفترة حليفا لحركة الاحتجاج وذلك بعد تخليه عن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ما دفعه للاستقالة بعد عشرين عاما في الحكم، غير أنه كان اليوم كما الجمعة الماضية موضع استهداف بشكل خاص من المتظاهرين الذين هتفوا الجزائر "جمهورية ماهيش (ليست) ثكنة" و"الجيش جيشنا والقايد خاننا". حرارة مرتفعة وقال سمير عسلة (58 عاما) الذي كان يحتمي من الشمس بظل شجرة في انتظار بدء التظاهرة "الطقس حار جدا، من الصعب السير عندما لا يمكنك أن تشرب الماء". أما بية (41 عاما) فقالت إنها قدمت مع ابنتيها رغم "خشيتها أن لا يأتي الناس للتظاهر بسبب الحرارة ورمضان". وسيكون مستوى التعبئة موضع متابعة من كثب في وقت تتهم العديد من المنظمات والشخصيات الفريق قايد صالح بالعمل على فرض العملية الانتقالية الجارية بالقوة والانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليوز. لكن حركة الاحتجاج لا ترغب في أن يتم تنظيم الاقتراع من رموز النظام السابق التي يجسدها خصوصا بن صالح وبدوي وقايد صالح الذين كانوا من المخلصين لبوتفليقة طوال عهده. وبعد توقيف العديد من رجال الأعمال والأثرياء كان توقيف سعيد بوتفليقة الذي كان نافذا جدا حتى استقالة شقيقه، موضع ترحيب المحتجين. ويرى الكثير من الجزائريين أن سعيد بوتفليقة كان له دور في جهود إبقاء شقيقه بأي ثمن في الحكم، رغم الجلطة الدماغية التي تعرض لها في 2013. كما تم حبس اثنين من كبار قادة جهاز المخابرات الفريق محمد مدين المكنى "توفيق" وعثمان طرطاق المكنى "بشير". واتهما مع سعيد بوتفليقة بالإساءة إلى سلطة الدولة والجيش. صراع أجنحة؟ رغم أن المتظاهرين تلقوا بارتياح هذه الأنباء، لكن انطباعا تكون لديهم أنها تشكل خصوصا فرصة لعملية تطهير في هرم السلطة في اطار صراع أجنحة داخل النظام. وسبق الاعتقالات الأخيرة توقيف العديد من رجال الأعمال الذين كانوا مقربين من بوتفليقة، ورصد فيها مراقبون بصمات الفريق قايد صالح. كما رأت منظمات تنشط ضمن الاحتجاج في توقيف لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال (تروتسكي-11 نائبا) الخميس، محاولة لفرض العملية الانتقالية الدستورية الجارية "بالقوة". وتساءلت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الأنسان في بيان هل الجيش ومن خلال تنديده ب "مؤامرة"، يحاول "إسكات كافة الأصوات المخالفة" المعارضة للعملية الانتقالية القائمة التي يريدها قايد صالح؟