لم يستطع وزير الشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، رغم كل الوعيد الذي صاحب حملته بخصوص "أسعار المحروقات"، تنزيل قرار "تسقيف الأرباح"، إذ أصبح الملف بيد وزارة الطاقة والمعادن، التي ستشرف على أمور وصفت ب"التدقيقية"، وهو ما جاء بعد أن أعلن الداودي أن قرار التسقيف لن يتحقق، وجاء فقط كوسيلة للضغط على الشركات إبان المفاوضات معها. ويعيش الداودي على وقع انتقادات كبيرة يوجهها له النواب البرلمانيون بسبب تراجعه عن التسقيف، فيما يظل الوزير متشبثا بقرب تفعيل مقتضيات القرار، لكن مع تسجيله تخوفا من إمكانية هروب المستثمرين من الأسواق الداخلية، داعيا إلى إعطاء صورة إيجابية عن البلد، ما يطرح تحديات كبرى على مدى إمكانية التطبيق، فالعادة تفرض فتح السوق أمام المنافسة في الأثمان، وليس ضبط حرية السوق بشكل غير قانوني. وفتح قرار "التسقيف" مواجهة كبيرة بين مجلس المنافسة والوزير لحسن الداودي، فقد اعتبره رئيس المجلس، إدريس الكراوي، غير قانوني؛ وذلك في رده على امتثال بعض المحطات لمسطرة التسقيف والتزامها بهامش الربح الذي حددته الدولة لشركات المحروقات ومحطات الوقود، والمقدر في 70 سنتيما للتر الواحد من الديزل، و60 سنتيما للتر الواحد من البنزين". وفي هذا الصدد، قال رشيد أوراز، باحث اقتصادي في المعهد المغربي لتحليل السياسات، إن "الحكومة عاجزة عن تفكيك وضعية سوق المحروقات، وبالتالي تلجأ إلى بعض الأساليب الشعبوية لتسويق حل تسقيف الأرباح، لكن التسقيف اقتصاديا مسألة تقنية لن تنجح"، مشيرا إلى أن تفعيل القرار "يعني التراجع عن كل التراكم الذي بناه المغرب على مستوى تحرير الاقتصاد". وأضاف أوراز، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "تحرير الاقتصاد الوطني يقتضي ضمان المنافسة داخل السوق، وليس التدخل لتحديد الأسعار"، مشددا على أن "السياسيين يقومون بحملات شعبوية لجمع الأصوات ولا تهمهم قواعد ومؤسسات تحمي الأسواق والمنافسة"، وزاد: "المستهلك المغربي لن يستفيد سوى في حالة وحيدة، هي أن تضمن الحكومة المنافسة وأن تقضي على الكارتيلات والاحتكارات". وأوضح الأستاذ الجامعي أن "توصيات مجلس المنافسة كلها في صالح المستهلكين المغاربة"، وزاد: "على الحكومة أن تلتزم بما قاله المجلس، لأنه الحل الأسلم لحل المشكلة التي تعانيها سوق المحروقات"، مشددا على وجود شركات في وضيعة تركز كبير، "وبالتالي على الحكومة أن تتدخل لإعادة لاسامير للعمل، أو الاستثمار في شركة جديدة للتكرير". وأردف أوارز بأن "كل محاولة حكومية للتدخل في الأسعار هي عبث، فمن المستحيل ضبط الأسعار التي اقتني بها الغازوال والنفط من الأسواق الخارجية، كما ليست للحكومة الموارد البشرية لتقوم بمراقبة الأرباح والفواتير"، لافتا إلى أن "القيام بذلك سيعيد المشاكل التي رافقت صندوق المقاصة".