تتوالى ردود الأفعال الرافضة للمذكرة التي وجهها سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، والتي طالبهم فيها بعدم الترخيص لتنظيم أي تظاهرة ثقافية أو علمية أو أي نشاط آخر، تنظمه جهة غير تابعة للمؤسسات الجامعية، بعد الأحداث التي عرفتها كلية الآداب ببني ملال، بعد إقدام طلبة من الحركة الأمازيغية على منع تنظيم ندوة للناشط أحمد ويحمان. الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وهو أقدم وأكبر منظمة طلابية في المغرب، انتقد بشدة قرار منع التظاهرات والأنشطة الثقافية والعلمية داخل الجامعات المغربية. وقال الاتحاد، في بيان أصدره الخميس، إن الهدف من المذكرة التي أصدرها الوزير أمزازي في هذا الشأن "هو استكمال تجريد الجامعة المغربية من استقلاليتها التي تميزت بها منذ عقود". "أوطم" وجّه انتقادا لاذعا إلى الوزير الوصي على قطاع التعليم، متهما إياه بالسعي إلى "القضاء على الحرية التي فرضتها سواعد المناضلين الأفذاذ داخل الجامعة المغربية، محصِّنين إياها بالتضحيات الجسام وبالاعتقالات والاستشهادات، ومحصَّنين بالوعي التام بما يقتضيه الواجب". وفي الوقت الذي قالت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، في بيان توضيحي سابق، إن الغاية من منع الأنشطة التي تنظمها جهات غير تابعة للمؤسسات الجامعية داخل الحرم الجامعي هي تفادي أحداث العنف التي ترافق بعض هذه الأنشطة، تساءل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب: هل سيتم منع قوات الأمن "التي تستبيح الحرم بين الفينة والأخرى، أم هي لا تحتاج أساسا إلى ترخيص؟". وذهبت الهيئة الطلابية ذاتها إلى القول إن مذكرة الوزير أمزازي "هي إخراج انفرادي جديد من الوزير لما جاء في الدورية الثلاثية التي وقعت عليها ثلاث وزارات في الموسم الجامعي 1996-1997 بعدما استنفدت الدولة كل الوسائل، والتجأت إلى العنف عبر تكسير الجماجم وتهشيم عظام الآلاف من الطلاب، من أجل القضاء على العمل النقابي الراشد بالجامعات المغربية". وكانت وزارات الداخلية والعدل والتعليم العالي قد أصدرت مذكرة منع الأنشطة والتظاهرات داخل الجامعات المغربية أواخر سنة 1976، وفي سنة 2014 صدرت مذكرة ثنائية مماثلة، بين وزارتي التعليم العالي والداخلية، قبل أن تصدر المذكرة الأخيرة عن وزارة أمزازي، وهي مذكرات، قال الاتحاد الوطني لطلبة المغرب إنها "كانت وفية لنفس المنهج الأمني القمعي الإقصائي". واعتبرت الهيئة الطلابية ذاتها أن المذكرة الوزارية الأخيرة لا تستهدف الأنشطة الثقافية والنقابية للفصائل الطلابية فحسب، بل تستهدف كل الأنشطة "كيفما كان نوعها" ومن أي جهة كانت، وينضوي تحت هذا العسف الطلبة والأساتذة الباحثون والأكاديميون وغيرهم ممن يشملهم الحرم الجامعي، المنتج للعلم والفكر والنخب، والامتداد الموضوعي لألوان الثقافة الوطنية المتنوعة، والانعكاس الحقيقي للوعي بالمصير المشترك لكل أبناء الشعب ومستقبل الوطن". وبالرغم من أن مذكرة أمزازي كُتبت بلغة صارمة، إذ شددت على عدم الترخيص لأي نشاط تنظمه أي جهة غير تابعة لمؤسسات الجامعية، وضرورة حصول المنتسبين إلى الجامعة على ترخيص من رئيس الجامعة قبل تنظيم أي نشاط، فإن "أوطم" تحدّى المذكرة الوزارية، واعتبر أنها "لن تحقق ما فشلت فيه سابقاتها، ولن تثني عزائم الأحرار من الطلاب وباقي مكونات الجسم الجامعي في مواصلة المشوار للنأي بالجامعة عن منطق التحكم والاستبداد، خدمة للأهداف النبيلة للمجتمع من بوابة الجامعة". ونبه الاتحاد الوطني الدولةَ إلى مخاطر إضعاف كيان الجامعة، معتبرا أن المضي في هذا الاتجاه "خطأ إستراتيجي، في وقت يتعين عليها دعمها بكل مكوناتها، ودعم روح المبادرة فيها، نظرا للأدوار المصيرية التي تضطلع بها حاضرا ومستقبلا في بناء الدولة والمجتمع"، داعيا الوزارة إلى "سحب المذكرة المشؤومة، لما لها من عواقب في تجريد الفضاء الجامعي من مهامه الأساسية في دعم التنوع العلمي والفكري والثقافي والنقابي، الذي ينضاف إلى المهمة الأساسية في التحصيل". وشدد "أوطم" على أن الجامعة ليست فقط مكانا للتدريس، "بل هي منطلق بناء النخب العلمية والأكاديمية والسياسية والنقابية، وفضاء يجب أن يتمتع بالاستقلالية التامة، بعيدا عن التحكم والتوجيه الفوقي الذي يلغي شخصيتها المعنوية ومكانتها الاعتبارية، القيادية في المجتمع".