تاريخ العرش المعاصر مليء بسُورِيالِيَّةٌ الإمامة العظمى للارتقاء بالنفوس ودفع عجلة الأمن الروحي والفكري، واتخاذ القرارات الجوهرية بمعاونة بعض المؤسسات وفق أعراف الديمقراطية، وعلى رؤية التسامح تبلورت كاريزمية “سْمِيَتْ سيدي”، أمنًا للأمة ونعمةً ورحمةً. لذلك، كان جليًا بنا معشر “الفقراء” (ذلك التوصيف الذي يوصف به المتصوفة في فلسفة “السهروردي”) تهنئة أميرة الإنسانية “أمّ مولاي الحسن”، ومن خلالها تهنئة محمد السادس ملك الفقراء، فقد تملكتنا المشاعر تجاه 8 من مايو بميلاد ولي العهد. ستة عشر ربيعاً على ميلاد قُرّة عين العلويين وعنوان اعتزاز وتقدير الشعب المغربي الشقيق، تمرّس فيها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن على عرشه المستقبلي الذي يجسد قيماً أصيلة وتاريخية، ونفَساً دائماً متجدداً للصيرورة الثورية، واستمرارية لأوجه الالتحام الأبدي بين العرش والشعب بفضل شرعية تمتد منذ البيعة الأولى للمغاربة سنة 172ه، وسط علاقة محبة تجمع الأب الملك بابنه ولي العهد، ووَجْدٍ روحيٍ يجمعه بالشعوب. أبدأ برمزية افتتاح ولي العهد الدورة الخامسة لبطولة كأس إفريقيا للاعبين المحليين المقامة في المغرب، خلال العام المنصرم، حين تبارى المنتخب المحلي المغربي مع نظيره الموريتاني، يومئذٍ فرح المشجعون بمفهوم “الرياضة والسلام” الذي رفرف في بيئةٍ أخويةٍ تؤلف بين قلوب الجيران، وتحت الرئاسة الفعلية لحضرة المولى الحسن فاز المنتخب المغربي بنصرٍ رباعي الأهداف نستسيغ منه مقولة الصديق: شرب النبي حتى ارتويت! .. ففوز المغرب مرده فوز موريتانيا وتقاسم في الفرحة بين الشعبين. وحتى اليوم، يحتفظ الوعي الرياضي للحسن الثاني بمهارته في كرة المضرب، ومثل جده يبدو سمو الأمير متفوقاً في الرياضة ومتمتعاً بالروح الرياضية مع ما تستوجبه الضرورات البروتوكولية، ليواصل، وبكل تطلع، مرافقة والده الملك خلال الأحداث والزيارات الرسمية، وترؤس الاحتفالات في غيابه، مع سعيه الدائم إلى تحقيق حُلم أبيه، فها هو لا يفصله عن قيادة الطائرات إلا مباراة ولوج الثانوية الملكية الإعدادية للتقنيات الجوية بمراكش “ERA”، وما سيتبعها مستقبلاً من دراسة تعتمد ديناميكياً بواسطة الخيال الإبداعي والنزوع نحو العلو والارتقاء. وفي تدشين صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن بمراكش متحف محمد السادس لحضارة الماء بالمغرب قبل عامين، يمكننا ملامسة عناية ولي العهد بالبيئة والمناخ، والاستخلاص إلى ما ستستدعيه مرحلة التشخيص المستقبلي، من رقمنة المدن لاستصدار مدن ذكية والحفاظ على البيئة، إذ ستكون الأجيال بحاجة ماسة إلى بيئة نظيفة تعتمد على الطاقة المائية وغيرها من الطاقات المتجددة، وعلى أساس الوفاء والولاء والمحبة والتعاون لما فيه خير الإنسان قد يماط اللثام عن جيل جديد من أشبال الحسن (الثالث). فلنبادر إذن بتهنئته والدعاء له، والختم؛ أبصم بأحرف التفاؤل "الله يبارك في عمر سميت سيدي". نواكشوط، بتاريخ 08 ماي 2019