في القدس، رائحة البخور تنبعث من مئات البسطات والمحلات التجارية التاريخية في البلدة العتيقة المحيطة بالمسجد الأقصى، وبسطات تزينها الأهلة والفوانيس التي ارتبط ظهورها في شهر رمضان الفضيل، وتجار يستغلون فترة الشهر لفتح أبواب محلاتهم التجارية أمام حركة المصلين. وتعج أسواق القدس في رمضان بالبائعين المتجولين وأصحاب المحلات التجارية، ويحتشد الزبائن والزوار من كل المناطق يشترون من أسواق البلدة القديمة أثناء مرورهم عبرها إلى المسجد الأقصى. ورغم معاناة أصحاب المحلات التجارية المتواجدة في أبواب القدس، من عدم قدرتهم على إدخال البضائع وإيصالها إلى محلاتهم، بالإضافة إلى الضرائب الباهظة التي يفرضها الاحتلال على أصحاب المحلات التجارية، إلا أن الأشواق في رمضان تنتعش بفعل تجمع الناس والمصلين حول الأسواق التي تشتهر ببيع السلع الرمضانية. ويرى تاجر التحف الشرقية المقدسي، رئيس جمعية تجار التحف الشرقية جواد أبو عمر، انه منذ انتفاضة الأقصى وبناء جدار الفصل العنصري وإلى اليوم وشهر رمضان يعتبر نواة الخير التي تنتعش فيها الحركة التجارية داخل أسواق القدس وإسوارها. وأشار إلى أن الحركة الشرائية النشطة تتركز على مجالات الأطعمة والحلويات في بداية الشهر، فيما ينشط بيع الملابس والأحذية في البلدة القديمة مع اقتراب العيد. وأضاف، أن مجالات التجارة الأخرى في القدس تتأثر بالحركة السياحية المصاحبة لشهر رمضان، مطالبا الزوار بالشراء من القدس لتعزيز صمود الأهالي. وتابع، شهر رمضان في أسواق القدس يضفي بهجة لا توصف ترتبط بقدسية المكان والمجسد الأقصى، وبالأجواء الدينية التي يزداد فيها تواجد المصلين في كل الأوقات داخل أسوار القدس وأجواء بيع المأكولات التي يزداد الطلب عليها في رمضان مثل، القطايف والحلويات والعصائر الطبيعية. وتعد أسواق القدس من أجمل الأسواق التي تتنوع معروضاتها التي ترمز لتراثها التاريخي والديني، وتحافظ على قدسية المكان خلال شهر رمضان. إلى ذلك بين المدير العام للغرفة التجارية الصناعية في القدس لؤي الحسيني ل"وفا"، أن الثقل التجاري في القدس خلال شهر رمضان يتركز في منطقة باب العامود، وخان الزيت وباب الواد، مشيرا إلى أن هذه المناطق تشكل نقاط قوة تجارية لبيع السلع الغذائية والألبسة خلال رمضان. وأضاف، "حركة المقدسيين التجارية في شهر رمضان تستمر على مدار 24 ساعة يوميا، بينما في الأيام العادية تتوقف الحركة بعد الساعة الخامسة مساء، لعدم قدرة السياح والحجاج من دخول القدس بسبب إجراءات الاحتلال". وأوضحت الإحصائيات التقريبية أن نسبة كبيرة من السائحين والزوار الذين يتوافدون إلى القدس خلال الأيام العادية تشتري من الأسواق الإسرائيلية، وفي المقابل خلال شهر رمضان تتدفق الحركة على المسجد الأقصى وبالتالي يزداد الشراء خلال عبور الوافدين. وأضاف، أن عددا كبيرا من المحلات التجارية التي يغلقها أصحابها في القدس بسبب الضرائب، تفتح في شهر رمضان وتنشط وتعاود الأغلاق في باقي الأشهر، منوها إلى سوق الجزارين الذي تتواجد فيه عشرات المحلات التجارية التي ينشط البعض منها فقط. وتابع، يعرض التجار المقدسيون عروضات خلال شهر رمضان على البضائع الفلسطينية، لاستقطاب الزوار والوافدين، كما ينشط كل سوق من أسواق القدس خلال الشهر الكريم، بنشاط تجاري معين، فسوق العطارين يختص ببيع البهارات وتباع فيه بسعر اقل من أي مكان آخر، وسوق باب الواد بالألبسة، وباقي الأسواق كذلك الأمر، مشجعا المقدسيين على منافسة الأسواق الإسرائيلية في القدس مثل سوق "ماميلا" و"كينيون المالحة". كما يظهر صمود المقدسيين وتجار القدس على أرضهم واضحا خلال الشهر الكريم الذي يعود فيه المجد لتلك الأشواق القديمة وعبقها التاريخي. ووفق الحسيني فإن عدد المحلات في البلدة القديمة من القدس 2067 محلا، منها 601 مغلقة، أي ما نسبته 29%، منها ما ينشط خلال رمضان. *وفا