هناك حيث الظلام والوحشة، تعالت صرخات وآهات ونداءات أطلقها فنانون من فوق ركح المسرح توثق لمعاناة مرضى الفصام، من خلال مسرحية "تمزق" لفرقة "اللمة للفنون والثقافة" من مدينة الدارالبيضاء، وهو العرض المسرحي الذي رأى النور بشراكة مع مسرح محمد الخامس. حوالي 60 شخصا من مختلف الأعمار اجتمعوا بدار الشباب المسيرة بمدينة وزان، شمال المملكة، لمشاهدة العرض المسرحي للكاتب الكبير هارون بتر، الذي أعده أيوب أبو النصر، وشخص أدوراه الممثل أيمن القرافي والممثلة نادية صابري، فيما أشرف على إخراجه هشام مقات. أعين المشاهدين تركزت على تحركات الشخصيتين الرئيسيتين غير آبهة بشيء غير التمعن في النوبات النفسية الهستيرية التي كانت تصيب الشخصية بين الفينة والأخرى، وتفاصيل المسرحية التي كشفت معاناة زوج مصاب بمرض الفصام. وخلال عرض أحداث المسرحية، كان التفاعل بالضحك تارة، وبالحزن والأسى أحيانا كثيرة. ولأكثر من 45 دقيقة نسي الجمهور نعيم الصحة وقداسة عش الزوجية، وغاص في عالم آخر ينبض بالمعاناة والآلام، تجلى على ركح أب الفنون عبر مشاهد ولقطات في قالب درامي تتمحور تيمته الأساسية حول الصراع الذي يعيشه المريض بصفة يومية مع الاضطراب النفسي، إضافة إلى تيمة فرعية تغني العمل برمته وتتعلق بالوسواس القهري والتهيؤات التي لا تفارق مخليته والمتعلقة بالخيانة الزوجية. وعن اهتمام الفرقة بطرح قضايا من هذا النوع، يقول هشام مقات، مخرج المسرحية، إن "الفنان نبض المجتمع، ودورنا كفنانين تناول بعض الإشكاليات والقضايا من مختلف المجالات التي تهم المجتمع"، واسترسل: "الحب الذي يجمع هذه الفرقة نابع من القضايا التي تطرحها، بالإضافة إلى الفرجة". وتندرج مسرحية "تمزق" ضمن بحث نفسي في الحياة اليومية للمريض بالانفصام في الشخصية في إطار التعريف بهذا المرض النفسي وإبراز معالم الشخصية؛ الصحة والمرض والخيبة والأمل والشدة والحزن والفرحة والغدر والخيانة والوسواس واليقين والخيال، وهي مشاعر مختلطة صعبة التلاقي باحت بها مسرحية "تمزق" استجابة لدعوة من جمعية دار الضمانة للإعلام والتواصل.