هل أنت مستعد لقراءة 50 كتابا في السنة، أي بمعدل كتاب واحد في الأسبوع؟ إن كبار المثقفين يفعلون ذلك. هل أنت مستعد للتضحية بساعات الجلوس الطويلة خلف التلفزيون كل يوم وتعويضها بالقراءة الجادة، في ميدان تخصصك أولا، وفي حقول الثقافة العامة ثانيا؟ هل أنت مستعد لتقليل ساعات استخدامك للسمارتفون وباقي أجهزة تكنولوجيا المعلومات؟ إن كبار المثقفين يفعلون ذلك. هل أنت مستعد لتخصيص 10 % على الأقل من دخلك الشهري للنفقات المتعلقة بالكتب ومشاهدة الأفلام الجديدة في دور السينما وحضور ما أمكن من عروض الموسيقى والمسرح في محيطك القريب أو السفر لأجل ذلك؟ إن كبار المثقفين يفعلون ذلك... ربما تكون من الأغنياء... ربما تكون مشغولا جدا... ربما تكون الاثنين معا، ربما يسيطر عليك التفكير الشعبوي البسيط ومؤداه أنك لا تحتاج إلى القراءة لتنمية معارفك وتثقيف نفسك؛ فالمال وحده يكفي لضمان العيش المريح وحل ما استعصى من المشاكل. إذا كنت تعتقد ذلك فإنه من الممكن -إن كانت لديك الرغبة الشخصية- أن تغير هذا المعتقد، وتنضم إلى النادي الملكي لكبار المثقفين: قادة الفكر الذين يقرؤون كثيرا وسريعا ويستعملون لبلوغ هذا الهدف ترسانة من التقنيات والأساليب. تريد أن تكون قائدا؟.. كن قارئا ! لقد هاجمنا العصر الذهبي للمعلومات ولا فرار لنا من سيلها الجارف لذواتنا وعقولنا وأنماط تفكيرنا في كل ساعة ودقيقة وثانية من كل يوم. إننا على فوهة بركان من المعلومات. إنه أعظم انفجار حصل منذ بداية التاريخ إلى الآن. لم يشهد أي عصر سابق هذا الكم المهول من البيانات والإحصاءات والصور واللوغاريتمات والأرقام التي تعصف بحياتنا دون توقف. إن مناصري هذا المد العلمي والإعلامي لديهم قناعة راسخة أن مستقبل البشرية سيعيش على إيقاع زلازل معرفية أكثر خطورة. إن الأمثلة الدالة على ذلك لانهائية. دعونا نستعرض بعضا منها: الطبعة الواحدة من صحيفة نيويورك تايمز تحتوي على معلومات تفوق ما تعلمه شخص طوال حياته خلال القرن ال16 - كمية المعلومات المتاحة اليوم تتضاعف كل 5 سنوات - أكثر من 7000 دراسة علمية تصدر كل يوم على المستوى العالمي - ما يقارب 90 في المائة من جميع المعارف العلمية تم استحداثه بالكامل في العقود الثلاثة الأخيرة -صدرت في الخمسين عاما الماضية كمية من المعلومات تفوق ما أنتجه العقل البشري على مدار 5 آلاف سنة متوالية لقد تحول كل واحد منا بفعل التدفق المعلوماتي إلى نسخة معاصرة من (سيزيف)، الذي قدر له أن يبقى إلى الأبد - حسب أساطير الإغريق- يدفع صخرة كبيرة إلى أعلى الجبل، ولا تلبث أن تنحدر متدحرجة منه قبل أن يصل إلى القمة. صخرة زمننا الراهن هي طوفان المعلومات. هل تعتقد أنه من المهم أن تتحكم في المعلومات،/ وتنتقي منها ما تحتاجه عوض أن تتحكم فيك؟ هل لديك صعوبات في قراءة وغربلة ما تحتاجه من معلومات في عملك اليومي؟ هل لديك الوقت لقراءة كل رسائلك الإلكترونية؟ هل تتمنى أن تقرأ بسرعة أكبر وتنعم بتذكر المزيد مما قرأت؟ إذا كنت تريد أجوبة شافية عن هذه الأسئلة وما ينجر عنها من استفهامات فرعية فمرحبا بك في النادي الملكي للقراءة السريعة. لديّ، لهذا الغرض، 6 خطوات أضعها بين يديك : أولا. كن قطارا فائق السرعة في القراءة. امض إلى الأمام دون الرجوع إلى الوراء. لا تعد القراءة. من المهم كسر روتين إعادة قراءة الكلمات على الصفحة. إذا شاهدت عيني أي قارئ عادي ستلاحظ أن نظره يقفز عبر الصفحة عوض القراءة الأفقية. وهذا لأن الشخص العادي يميل إلى الرجوع إلى الكلمات التي سبق أن قرأها. إجمالا هذا هو العائق الذي يمنعك من القدرة على زيادة سرعة القراءة. ثانيا. استعن بكرونومتر. يجب عليك اختبار نفسك والتدرب على زيادة سرعة قراءتك باستخدام كرونومتر لتحديد سرعتك وحساب عدد الكلمات التي يمكنك قراءتها خلال دقيقة واحدة. ثالثا. حدد هدفا. كل ما تحتاج إليه هو التدريب المستمر، لذا قم بتحديد هدف معين، مثلاً بتعيين عدد من الصفحات لقراءتها خلال يوم أو أسبوع وكافئ نفسك عند تقدمك في كل مرة. رابعا. استخرج من كل كتاب نقاطه الرئيسية دون القراءة الخطية الكاملة. إذا كان وقتك ضيقاً وكنت بحاجة إلى قراءة شيء ما بأسرع ما يمكن، خذ نفساً عميقاً وافتح الكتاب واستغرق بعض الوقت في قراءة جميع العناوين الرئيسية والفرعية. اقرأ قائمة المحتويات، الرسوم التوضيحية، والمخططات، المقدمة والخاتمة... وبعد ذلك طالع الفقرة الأولى من كل قسم رئيسي. خامسا. استفد من الكتب الصوتية المتوفرة بكثرة على الأنترنت. التكنولوجيا تفتح لك آفاقا معرفية لا حدود لها. لا تكتف بمطالعة الكتب الورقية. عندما تكون في طريقك إلى العمل، داخل السيارة أو في المواصلات العامة، فكر بتزجية وقت الرحلة بسماع كتاب صوتي يفصلك عن الضجيج المحيط بك ويقدم لك زادا فكريا لا يقدر بثمن. سادسا. ابتعد عن أماكن الضوضاء بما يُجنّبك الوقوع في الأخطاء التي تؤدّي إلى القراءة غير السريعة بحيث ينفصل الشخص عما يجرى من حوله، وفكر في إنعاش تركيزك كلّما كان ذلك ضروريا بأخذ أقساط من الراحة تختلف مُدّتها من فرد إلى آخر وتتراوح عموما بين 10 دقائق إلى 30 دقيقة. * خبير في التواصل والتنمية الذاتية