تيه سياسي كبير تعيش عليه البوليساريو الانفصالية مع اقتراب صدور تقرير مجلس الأمن الدولي حول الصحراء؛ فقد دعا تيار من داخل الجبهة إلى الانسحاب من المشاورات التي يشرف عليها المبعوث الأممي؛ هورست كولر. ووجهت "المبادرة الصحراوية من أجل التغيير"، وهي تيار يدعي معارضة سياسة البوليساريو، رسالة إلى كولر تصف فيه المجهودات التي تقوم بها الأممالمتحدة لحلحلة نزاع الصحراء ب"مضيعة الوقت"، ودعت إلى تفعيل البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة لإنهاء الصراع، أي الانتقال إلى فرض حل. وعبّرت التنسيقية، التي تضم مسؤولين مدنيين وعسكريين سابقين، في رسالتها، عن "الانشغال العميق بسبب عدم وضوح وبطء ما يسمى بالمائدة المستديرة التي تجري تحت رعاية أممية بين الطرفين المتنازعين، المغرب وجبهة البوليساريو، وبحضور البلدين المراقبين؛ الجزائر وموريتانيا"، وفق تعبيرها. وشدد المصدر ذاته على ضرورة تدخل الأممالمتحدة لفرض الحل، قائلاً: "في المبادرة الصحراوية من أجل التغيير نؤمن إيمانا تاما بأن نجاح مهمتكم المعقدة والعويصة يمر ليس فقط من بناء الحد الأدنى من الثقة بين الطرفين المتنازعين؛ ولكن أيضًا من خلال ممارسة نفوذكم وسلطتكم المعنوية من أجل تفعيل آليات الإقناع، والضغط الواردة في الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة". وعن دلالات هذه التحركات تزامناً مع شروع مجلس الأمن في مناقشة ملف الصحراء، يرى عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، أن رسالة ما يسمى ب"المبادرة الصحراوية من أجل التغيير" تدخل ضمن لعبة تقاسم الأدوار بين قيادة الجبهة ومكونات هذه المبادرة التي هي جزء من البوليساريو. وأشار اسليمي إلى أن "البوليساريو اختارت إنشاء هذه المبادرة أمام الصعوبات الكبيرة التي يواجهها إبراهيم غالي في قيادة البوليساريو وعدم قدرته على التحرك دوليا في أوروبا بالخصوص لوجود دعاوى جرائم ضده، لذلك، فالمبادرة هي آلية تضليلية جديدة لساكنة المخيمات". وأوضح الباحث في شؤون الصحراء، في تصريح لهسبريس، أن الرسالة الموجهة إلى كولر تنقل ما لم يستطع البوليساريو نقله مباشرة إلى المبعوث الأممي حول محادثات جنيف، معتبرا هذا الموقف الذي عبرت عنه "المبادرة الصحراوية" دليلا على "حالة التيه الذي بات يعيشه البوليساريو بعد إدراكه أن المجتمع الدولي يتجه نحو اتخاذ قرار في مجلس الأمن يتبنى فيه بلغة تنفيذية الدعوة إلى تطبيق حل الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب". وأورد رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني أن دفع الجبهة لهذا التيار لإشهار ورقة الفصل السابع يعتبر أمرا مضحكا في القانون الدولي، وقال: "يبدو أن مكونات البوليساريو وتنسيقية المبادرة المزعومة ومن ورائهما بقايا الداعمين الجزائريين تحتاج إلى إعادة قراءة القانون الدولي ومقتضياته وفهم السياق الدولي ومستجداته التي لم تعد تقبل هذه اللعبة الجزائرية المسماة بشركة البوليساريو". وخلص المتحدث ذاته إلى أن توقيت عرض هذه المبادرة يدل على أن البوليساريو وتنسيقيته "باتوا تائهين في توجيه الخطاب إلى المبعوث الأممي ولم تعد لهم القدرة على اختيار وقت توجيه الرسائل إلى المبعوث الأممي"، ولذلك يضيف اسليمي أنه يجب "التعامل مع هذه الرسالة من منطلق أن البوليساريو لم تعد له القدرة على الحضور إلى محادثات أخرى في جنيف لكون البوليساريو قد يكون ذهب مع "متاع بوتفليقة" بعد تنحيته"، بتعبيره. يشار إلى أن البوليساريو أبدت تخوفاتها من القرار الأممي المرتقب نهاية الشهر الجاري، خصوصا في ظل المعطيات التي كشفتها صحيفة بريطانية بخصوص مفاوضات جارية في الكواليس بين الرباط وواشنطن من أجل إسقاط خيار الانفصال بشكل نهائي في ظل الحراك الشعبي وتغير موازين القوى في الجارة الجزائر.