التّوافق الوَطني حول مشروع القانون الإطار المتعلق بمنظومة التعليم لم يعُدْ ممكناً، بعدما قرّر حزب الاستقلال المعارض الانسحابَ من أيّ خطوةٍ ترومُ إخْراج مشروع قانون الإطار للتربية والتكوين من مرحلة "البلوكاج" بمجلس النواب، وذلك "بسبب فشل الأغلبية الحكومية في تدبير هذا الموضوع وبسبب الارتباك الذي وسمَ تعاطيها مع مشروع القانون الإطار". وقسّم القانون الإطار للتعليم مكونات الأغلبية الحكومية بسبب تنامي الخلاف حول تدريس بعض المواد العلمية والتقنية باللغة الفرنسية، وذلك بعد تراجع فريق حزب العدالة والتنمية عن التوافقات التي عقدها مع مكونات الغرفة الأولى، وهو ما سيجْعلُ مستقبل التحالف الحكومي غامضاً. ويأتي انسحابُ حزب الاستقلال من التّوافق الوطني حول مشروع القانون الإطار بعدما كان قد قاطعَ الاجتماع الذي كان مبرمجا أمسِ الخميس بين رؤساء الفرق البرلمانية حول الموضوع. كما يأتي في خضمّ دعوة حزب "علال" رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إلى تفْعيل مقتضيات الفصل 103 من الدستور، من خلال ربْطِ طلبِ الموافقة على مشروع القانون الإطار المذكور، لدى مجلس النواب، بتصْويت منْح الثقة للحكومة. ويرفضُ الاستقلاليون تدريس العلوم بالفرنسية لأن ذلك "يمثل تطاولًا غير مقبول في حق الدستور المغربي، ومقامرة خاسرة بمستقبل الأجيال القادمة، ورهانًا بيداغوجيًا غير منتج، لأن التلميذ المستهدف حاليًا لا يمتلك الكفايات اللغوية الأساسية التي ستمكنه من الفهم والاستيعاب بهذه اللغة الأجنبية". وفي هذا السياق، قال عمر عباسي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال: "عبّرنا في حزب الاستقلال خلال اجتماع لجنة التعليم أننا لم نعد معنيين بأيّ توافق، وذلك بسبب فشل الأغلبية الحكومية في تدبير هذا الموضوع وبسبب الارتباك الذي وسمَ تعاطيها مع قضية مجتمعية بالغة الأهمية". وأضاف عباسي في تصريح لجريدة هسبريس: "لقد دافعنا في الحزب منذ البداية على ضرورة احترام الثوابت الدستورية المنصوص عليها في الفصل الخامس، وفي مقدمتها اعتبار اللغة العربية أساسية في التدريس، وهو الأمر الذي تضمنته المادة 31 من المشروع القانون الإطار، بيد أن فشل مكونات الأغلبية في التوافق حول هذا الموضوع حال دون ذلك الاجماع الوطني الذي نَعْتبر أن نجاح ورش إصلاح منظومة التربية والتعليم رهين به". وأورد عباسي أن "الحكومة الحالية لا تمضي قدما في مسار الإصلاح، وذلك بسبب الصراعات التي نخرت أغلبيتها والتي لم تعد خافية على أحد. ولذلك طالب الحزب رئيس الحكومة بإعمال المادة 103 واختبار ثقة أغلبيته، وذلك بربط التصويت على هذا المشروع باستمرار حكومته من عدمه". وأكد المتحدث موقف الحزب الداعي إلى العودة إلى المسار التشريعي العادي للمشروع "حتى يتسنى لنا الدفاع عن تعديلاتنا التي بلغت 117 تعديلا"، مؤكداً أنه "بخلاف ما ادعاه البعض، فإن مواقفنا من المشروع ظلت وفية للإرث المذهبي والنضالي لحزب الاستقلال، التي لا يمكن أن تكون موضوع مزايدات من طرف أي جهة".