بعد مرور عام على بدء الاحتجاجات الحدودية في غزة، أصبحت الاشتباكات الأسبوعية مع الجنود الإسرائيليين جزءا من نسيج الحياة في القطاع الفلسطيني، وباتت مصدرا للإلهام وحتى للمواد الخام للفنانين المحليين. يقضي فنان المجسمات المُصغرة "الديوراما" مجدي أبو طاقية ساعات في خلق نسخ ثلاثية الأبعاد مماثلة لمشاهد الاحتجاج، والتي تتضمن شخصيات منحوتة من بقايا الذخيرة الإسرائيلية التي تم جمعها من مواقع الاحتجاجات على طول الحدود. ويحول أبو طاقية الصوف والقطن إلى دخان أبيض وأسود يحوم فوق معسكرات الاحتجاج الخمسة التي أقيمت على طول الحدود المحصنة منذ بدء الاحتجاجات في 30 مارس 2018. وفي أماكن أخرى على ألواحه الخشبية، يصنع أبو طاقية نماذج مصغرة من المتظاهرين الفلسطينيين وسيارات الإسعاف والقوات والدبابات الإسرائيلية، وحتى السياج الشائك نفسه؛ ويعتمد في ذلك على استخدام مقذوفات الرصاص الفارغة وعبوات الغاز المسيل للدموع، وأحيانا شظايا الصواريخ الإسرائيلية. وقال أبو طاقية إن رصاصة واحدة أوحت له بفكرة مشروعه الفني؛ ففي اليوم الأول للاحتجاجات أُصيب أصغر أشقائه برصاصة في ساقه، وأخرج الأطباء هذه الرصاصة التي أخذها معه إلى المنزل، وقال لرويترز: "أخذت الرصاصة وعملتها تمثال جندي صغير، وأعطيتها له". وأضاف أبو طاقية، وهو شرطي بحري متقاعد يبلغ من العمر 38 عاما: "من هنا جاءتني الفكرة وبلشت (بدأت)..أعمل مجسمات من مخلفات الاحتلال". وقال مسؤولو قطاع الصحة في غزة إن نحو 200 شخص قتلوا بنيران إسرائيلية منذ بدء الاحتجاجات قبل عام. ويطالب المحتجون بالحق في العودة إلى الأرض التي فر منها أجدادهم أو طُردوا منها خلال القتال الذي صاحب تأسيس إسرائيل عام 1948. وقُتل جندي إسرائيلي واحد برصاص قناص فلسطيني على الحدود. وتقول إسرائيل إنها تستخدم القوة المميتة للدفاع عن الحدود من النشطاء الذين يحاولون تدمير السياج الحدودي والتسلل تحت غطاء الاحتجاجات. وأمس الإثنين، حث محققون في جرائم الحرب تابعون للأمم المتحدة إسرائيل على كبح جماح قواتها على الحدود. وفي مخيم النصيرات للاجئين، حيث يعيش أبو طاقية، أهدى بعض الجيران الذين أصيبوا خلال الاحتجاجات جارهم الفنان رصاصات استخرجها الأطباء من أجسادهم. وقال أبو طاقية: "هاي الرصاصة مستخرجة من جسد بنت صغيرة، وأنا عملت منها مجسما لرصاصة، وعليها من فوق فراشة". ودعا منظمو الاحتجاجات يوم الخميس الماضي إلى مظاهرات حاشدة في 30 مارس للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لاندلاع الاحتجاجات، ما أثار مخاوف من احتمال وقوع عدد كبير من الخسائر البشرية. وحث أبو طاقية المتظاهرين على الابتعاد عن السياج الحدودي، وقال: "مش لازم نعطي الاحتلال أي ذريعة ليطلق النار علينا. لازم المسيرات تكون سلمية مشان نحرج الاحتلال". وسحبت إسرائيل جنودها ومستوطنيها من قطاع غزة عام 2005؛ ومتعللة بالمخاوف الأمنية، فإنها لازالت تسيطر بإحكام شديد على حدود القطاع الذي تديره حركة حماس. *رويترز