وسط العوز والحرمان في قطاع غزة، تكافح الفلسطينيات في القطاع ليتذوقن طعم الحياة العادية التي هي أمر مسلم به في معظم أنحاء العالم. كانت ندى رضوان تعمل بالتسويق الإلكتروني، وبعد تراجع عملها، وسط معدل للبطالة في قطاع غزة يقترب من 50 في المئة، قررت توجيه مهاراتها في مجال التكنولوجيا نحو إحدى هواياتها؛ الطهي. وقالت ندى ذات ال27 عاما، التي تنشر مقاطع فيديو لوصفاتها للطهي على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "مطبخ ندى"، إن "الحصول على وظيفة كان موضوعا صعبا، لذلك فكرت بعمل تحبه، وفي نفس الوقت يعود عليّ بالمال". وأضافت أنها تحقق دخلا مما تنشره على "يوتيوب"، وأن شركات عدة في المملكة العربية السعودية اشترت في الآونة الأخيرة المقاطع التي تنشرها. ومضت تقول: "هذه محاولة للتغلب على الحصار الفعلي لغزة من خلال إيجاد وظيفة تتطلب موهبة وكاميرا واتصالا بالإنترنت". ويعيش أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، معظمهم أبناء وأحفاد فلسطينيين أجبروا على الرحيل أو فروا من الأراضي التي تحتلها إسرائيل حاليا؛. وتفرض إسرائيل حصارا على القطاع وحدوده البحرية متعللة بمخاوف أمنية بسبب "حماس"، الحركة الإسلامية التي تدير القطاع المطل على البحر المتوسط، وتفرض مصر أيضا قيودا على دخول قطاع غزة والخروج منه عبر حدودها. دمرت هذه القيود اقتصاد غزة وتركت الكثير من النساء، مثل شقيقة رضوى الصغرى، في حالة بحث مضن عن عمل بعد التخرج في الجامعات. وقالت لمى رضوان (22 عاما)، التي درست فنون الإعلام والاتصال وانضمت إلى مشروع شقيقتها للطهي بعد بحثها عن عمل دون جدوى، "صعب أن تجد وظيفة تلبي احتياجاتك". مجتمع رافض تتحدث بعض النساء الشابات في غزة عن أوجه للمعاناة في حياتهن الشخصية أيضا. يقلن إن التسوق، وحتى الزواج، صارا أكثر صعوبة بسبب قيود إسرائيل التي خاضت ثلاثة حروب مع "حماس" خلال العقد الأخير. وتقول هناء أبو الروس (18 عاما) إنها تعتزم الزواج بحلول فصل الصيف المقبل، لكنها لا تجد الأشياء التي تحتاج إليها لإتمام قرانها في متاجر غزة. وأضافت هناء، المشغولة أيضا بدراستها في السنة الأخيرة بالمدرسة الثانوية، "حتى الآن لم اختر فستان الزفاف"، موردة: "أنا حائرة، لكن أخواتي يساعدنني". وتقول نساء أخريات في القطاع إن الضغوط الاجتماعية تثقل كواهلهن في الوقت الذي يسعين فيه إلى تجاوز متاعب الاقتصاد في غزة من خلال العمل ضمن وظائف يعتبرها البعض غير تقليدية. عملت سحر ياغي في مجال تنظيم حفلات الزفاف بعد مدة قصيرة من تركها الجامعة لتجني مالا لأسرتها. ويتطلب عمل سحر التخطيط للحفلات بأن تبقى مستيقظة حتى وقت متأخر من الليل. وقالت إنها أحيانا تسمع بعض تعليقات جيرانها الذين يعتبرون عملها غير لائق. وقالت سحر صاحبة ال28 عاما: "أحيانا كثيرة أكره التعليقات، لكني أحب شغلي وأتمنى أن يكون لدي عمل خاص بي مستقبلا". وأضافت أنها تريد أن تكون "أول منظمة أفراح" في غزة. وتخشى نساء غزة العاملات باستمرار أن يفقدن وظائفهن مما يزيد إحساسهن بعدم الأمان. وتقول سارة أبو طاقية إنها وجدت عملا مؤقتا في مستشفى بغزة بعد حصولها على درجة البكالوريوس في التوليد، لكن الكثير من زميلاتها أقل حظا منها. وأبرزت سارة (23 عاما)، التي تعمل في قسم التوليد في المستشفى الأهلي بغزة، أن "هذا العمل ترتبط به عبر عقد يمتد ستة شهور فقط، دون أي ضمانة لتوظيف دائم". وأضافت الشابة نفسها أنها تجد سلواها في البحر الذي تتكسر أمواجه على شاطئ غزة. وأوردت: "يحالفنا الحظ لتوفرنا على بحر، فالشاطئ مكان التنفيس عن النفس والتأمل، لذلك ننسى خراب الحروب وجراح الفقر". *رويترز