ما كان يخطر ببال بشرى مسرور، التي أتت إلى تونس قبل حوالي ثلاثين سنة لمتابعة دراستها في كلية الطب، أن الم قام سيستقر بها في هذا البلد، كسيدة أعمال تستثمر في إنتاج، وفي مقدمتها تلك المستخرجة من الزيوت الطبيعية، حتى باتت تلقب ب"سفيرة" زيت أركان في تونس الخضراء. ورغم حصولها على شهادة في مجال الإنعاش والتخدير في بداية مسارها الدراسي وممارستها لعمل في القطاع الخاص، إلا أن طموحها كان أكبر، لتقرر خوض مجال الأعمال وتؤسس علامة تجارية في هذا الميدان، تعتمد فيها بالأساس على مواد خام يستورد بعضها من المغرب، لتعمل على تحويلها، بالشكل العلمي المطلوب وفق المعايير الدولية. وأيقظت زيارتها لأحد المعارض التجارية بمدينة سوسة (140 كلم جنوبتونس العاصمة)، في نفسها، فكرة إنتاج مستحضرات من هذه المواد الطبيعية، خاصة بعد أن لاحظت أن كميات من زيت أركان الغذائية كانت تسوق على نحو خاطئ على أنها للتجميل، والحال أنها لم تكن كذلك، مما كان يهدد الثقة التي تحظى بها هذه المادة الطبيعية عبر العالم. ومنذ ذلك الحين، أخذت مسرور على عاتقها مهمة "الدفاع عن زيت أركان الذي يرتبط اسمه بالمغرب"، وتقديم مستحضرات تحترم المعايير الصحية والبيولوجية المطلوبة، علما أنها تدرك "مدى الجهد الذي يتطلبه استخراج هذا الزيت والعناء الذي تكابده في سبيل ذلك المئات من النساء القرويات في العديد من المناطق الجبلية التي ينتشر بها شجر الأركان بالمغرب". وأكدت بشرى مسرور في تصريح صحافي، أنها وجدت وهي تخوض هذه التجربة نفسها في انسجام مع ميولاتها الأصلية في عشقها لكل ما هو طبيعي وبيولوجي، يبتعد قدر الإمكان عن المواد الكيماوية وآثارها. وفضلت أن تدخل هذا الميدان وهي "مسلحة بالمعرفة العلمية اللازمة حيث حصلت على شهادات في مجال استخراج مستحضرات التجميل الطبيعية بعد فترات من التكوين"، وهو ما أهلها لدخول هذا المجال وهي على علم بمختلف جوانبه. وخطت مسرور أولى خطواتها في هذه التجربة، من باب استيراد زيت أركان من المغرب للقيام بتحويله في تونس. وبعد نجاح هذه الخطوة بدأ نشاط عملها يتسع ليشمل مواد طبيعية أخرى، منها على الخصوص الزيوت التي تستخرج من فاكهة الصبار التي تنتج محليا في تونس، وغيرها من المنتجات الطبيعية التي تستورد، لتجد نفسها تستكشف ميدان عمل يستجيب لتطلعاتها وشغفها. وتعترف المستثمرة أن طريقها في هذا المجال لم يكن من دون صعوبات، خاصة في ما يتعلق بالمواصفات التي ينبغي أن تتوفر في المنتجات وطريقة تعبئتها لكي تحصل على التراخيص المطلوبة من مختلف الإدارات المعنية حتى يصبح تسويقها وتصديرها ممكنا. وتعمل مسرور في الوقت الراهن على استكشاف أسواق دولية جديدة لمنتجات علامتها من مستحضرات فاكهة الصبار لتصديرها إلى خارج تونس وخاصة إلى تركيا وروسيا وبلغاريا. وتعتبر مسرور أن الصعوبات التي تواجهها سيدات الأعمال المغربيات في الخارج يمكن التغلب عليها من خلال توحيد الجهود في جمعيات تكون إطارا لبحث المشاكل التي تعترضهن وربط علاقات التعاون في ما بينهن ومشاطرة الأفكار الجديدة. وبلهجة تمتزج فيها عبارات الدراجة المغربية والعامية التونسية تؤكد مسرور أنها تجد في مدينة القيروان (150 كلومترا جنوبتونس العاصمة) حيث تقيم مع زوجها التونسي وأبنائها، الكثير من خصائص مدينة فاس التي تنحدر منها، وتؤكد أن المدينتين اللتين تربطهما علاقة توأمة تتقاسمان الكثير من الخصائص الحضارية العريقة، وكأن الأمر يتعلق بمدينة واحدة رسمت أركانها في بلدين، لينتفي كل شعور بالغربة عن الوطن. *و.م.ع