خلصت دراسة أنجزتها منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف)، تحمل عنوان "الأطفال والشباب والإعلام بالمغرب"، إلى كون الإعلام السمعي البصري مؤطرا بالتشريعات القانونية والمناهج الميدانية مقارنة بوسائل الإعلام الورقية والإلكترونية، التي تغيب فيها النصوص القانونية المتخصصة، لاسيما في ما يتعلق بالمنتجات الإعلامية الموجهة إلى الشباب والأطفال على وجه الخصوص. وتوضح الدراسة الشاملة، التي قدمت نتائجها بأحد فنادق الدارالبيضاء، الخميس، أن مهنيي وسائل الإعلام وممثلي المجتمع المدني يؤكدون مرارا على عدم كفاية المحتويات الإعلامية التي تقترح على فئة الشباب بالمملكة، مشددة على كون هذه المحتويات ذات صلة وثيقة بالأحداث اليومية والأجندة المؤسساتية والمستجدات "الساخنة"، في إشارة إلى طغيان مواد "البوز" على التحليل الإعلامي الرصين الذي يحترم أخلاقيات المهنة بالدرجة الأولى. وأكدت الدراسة، التي قدمت تحليلا شموليا حول وضعية الأطفال والشباب في وسائل الإعلام المغربية، وكذلك كيفية استهلاك المواد الإعلامية، أن تيمة الطفل ينقصها الكثير من الاشتغال في جميع المقاولات الإعلامية بالمملكة، مشددة على غياب صحافة متخصصة توجه منتجها إلى الأطفال بالشكل المطلوب، وذلك عبر احترام المعايير الدولية المعتمدة في الصحافة الدولية. التقرير، الذي استند إلى استطلاع رأي موجه إلى الفئة العمرية المتراوحة بين 15 و34 سنة؛ فضلا عن إجراء حوارات معمقة مع مجموعة من الصحافيين ورؤساء التحرير في وسائل الإعلام الناطقة بالفرنسية والعربية معا، ثم تحليل المضامين الإعلامية الواردة في وسائل الإعلام الوطنية، أشار إلى ضعف الساعات المخصصة للطفل في "الراديو" والتلفزيون العمومي، حيث لا تتعدى ساعتين في اليوم، والأمر نفسه ينطبق على الصحافة الورقية. "الدور التعليمي في وسائل الإعلام الوطنية ضعيف"، يورد التقرير، معتبرا أن "التكوينات الموجهة إلى الصحافيين في تيمة الطفل غائبة تماما، فضلا عن غياب حضور الأطفال في الإعلام الوطني، ثم ضعف التوعية والتحسيس"، مؤكدا أن الصحافية الورقية تعرف إقبالا ضعيفا من قبل الفئة العمرية الممتدة من 12 إلى 29 سنة، مقابل تلقي الشباب للمعلومة من طرف وسائل التواصل الاجتماعي بالدرجة الأولى. وتبين الدراسة أن البرامج الإعلامية التي تستهدف الأطفال غير كافية، إلى جانب الضبابية الموجودة على مستوى الرسائل التعليمية التي تسوقها هذه المنابر. كما أن البرامج الموجودة سلفا لا تعكس تنوع اهتمامات الأطفال، وتقصي أساسا الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وكذا التنوع اللسني والجغرافي بالمملكة، ما يستدعي إشراك الطفل في صناعة البرامج الطفولية والشبابية. وتوصي منظمة الأممالمتحدة للطفولة بإعداد ميثاق جديد أو دفتر تحملات يهدف إلى إثارة الانتباه إلى قضايا الطفولة وحماية حقوق هذه الشريحة المجتمعية، ثم إنتاج برامج تخص الطفل تقارب مختلف جوانب اهتماماته، عبر استضافة متخصصين في علم النفس والطب والبيداغوجيا؛ وكذلك احترام حقوق الطفل في المواد الإعلامية، وإعداد إستراتيجية جديدة تسعى إلى بلورة التنوع الإعلامي في مجال الطفولة. وتختم الدراسة توصياتها بتوجيه بعض النصائح إلى وسائل الإعلام المغربية، من بينها السعي نحو تكوين صحافيين متخصصين في مجال الطفولة، إلى جانب مضاعفة التكوين في ميدان حقوق الطفل، وزيادة المواد الإعلامية التي تستهدف الأطفال، عبر استخدام مختلف اللغات؛ بما فيها الأمازيغية والعربية والفرنسية.