خرج العشرات من نشطاء "الحراك الشعبي" بمدينة الدارالبيضاء، اليوم الأحد، في مسيرة احتجاجية حاشدة من أجل التنديد ب"الخروقات السافرة لحقوق الإنسان التي تشوب محاكمة معتقلي الحِراكات الاجتماعية بالمغرب"، معتبرين أن "الاعتقال السياسي أصبح السمة الأساسية التي تطبع الفترة الحالية"، وداعين إلى "الإطلاق الفوري لسراح معتقلي الريف وجرادة وزاكورة وغيرها من بؤر التوتر". المسيرة التصعيدية بدأت بوقفة احتجاجية وسط المدينة، وتحديدا ساحة الأممالمتحدة، دامت قرابة نصف ساعة، صدحت فيها حناجر المحتجين بشعارات تطالب ب"الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية"، من قبيل: "الموت ولا المذلة"، "هاد الدولة الظالمة..بنادم ما عْنْدو قيمة"، "وهي كلمة واحدة..هاد الدولة فاسدة"، "المعتقل تحية..العائلة تحية"، "هي كلمة صريحة..الفساد عْطَا الرِيحَة". وتحوّلت الوقفة الاحتجاجية، التي شارك فيها مئات المتظاهرين "البيضاويين"، إلى مسيرة حاشدة كانت نقطة انطلاقها هي "ساحة ماريشال"، مرورا بشارع الحسن الثاني، وصولا إلى شارع الراشدي، ثم انتهاءً بساحة "مرْس السلطان". وتميزت الخطوة الاحتجاجية بحضور عائلات بعض معتقلي "حراك الريف"، على سبيل الذكر والدة المعتقل محمد جلول، ووالدة ربيع الأبلق، وكذلك "حراك جرادة"؛ فضلا عن مجموعة من المعتقلين السابقين. أم عبد المولى زعيقر، الذي تعرض للدهس بواسطة سيارة تابعة للقوات العمومية خلال أحداث "حراك جرادة"، قالت: "عبد المولى يحتاج العلاج في مصحة النور لترويض المعاقين..ينبغي أن يخضع لعمليات العلاج بشكل مستمر..اتصلوا بي، صباح اليوم، من أجل إبلاغي بخبر معاناته مع نوبة ألم". وأضافت المتحدثة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنها "تلبي نداء جميع الوقفات الاحتجاجية من أجل التعبير عن حجم معاناة ابنها، وذلك لإطلاق سراحه بغية الاستفادة من العلاج، وكذلك بغاية إطلاق سراح باقي المعتقلين السياسيين"، وزادت: "أحمل الدولة بجميع مراتبها مسؤولية ابني، لأنها المسؤولة عن دهس عبد المولى وقتله إن لم يأخذ حقه في التطبيب والعلاج.. إنهم يرتكبون جريمتين في حقه؛ الأولى هي عملية الدهس، والثانية تكمن في جريمة القتل في حالة لم يعالج، باعتباره حالة مستعجلة تستدعي العلاج على الفور". من جانبها، عبرت أم المعتقل الريفي ربيع الأبلق عن استيائها من الأحكام الصادرة في حق نشطاء "حراك الريف"، وزادت: "نريد الحصول على حقنا فقط. كلمتان لا تستدعيان إصدار حكم مجحف يصل إلى خمس سنوات سجنا نافذا، والأمر نفسه ينطبق على عشرين سنة.. الحُكْم بزّاف!". بدوره أعرب ناشط آخر شارك في المسيرة عن رغبته في خروج المغاربة إلى الشارع من أجل تنظيم مسيرات احتجاجية بالملايين، مردفا: "نريد مسيرات الملايين وليس بالآلاف..متى سيستيقظون جميعا؟..مازال المغرب يعاني من الأمية". محمد النعيمي، المعتقل الريفي الذي شمله العفو الملكي بمناسبة عيد الأضحى، قال في كلمة خلال المسيرة: "إننا نتحدث عن مختطفين وليس عن معتقلين، لأنهم اختطفوا بطريقة قسرية، وقد كنت واحدا منهم. لم تثننا سنة وبضعة أشهر من السجن عن قول كلمة الحق. مستمرّون في الثبات على الموقف والمبدأ ضد كل السياسات المخزنية الممنهجة داخل أرض الوطن". واستطرد المعتقل السابق: "إنه لشرف عظيم أن أكون حاضرا معكم في مسيرة الدارالبيضاء، لأن كل ما نعرفه عن الدارالبيضاء، للأسف، هو سجن عكاشة الذي عانينا فيه الويلات، لكنه لم يزدنا إلا إصرارا وعزيمة وثباتا، حتى نستمر على دربنا ودرب أجدادنا، ضد كل ما يحاك ضد أبناء الشعب". الفنان الساخر أحمد السنوسي قال بدوره: "وزير الداخلية وضع ضدي شكاية من أجل ممارسة المنع والإقصاء والمتابعة من جديد، لكنني سأبقى على موقفي وسأدافع عن السجناء السياسيين، بعدما أصبحنا نعيش في سنوات رصاص جديدة؛ بل إنها لم تغادر المغرب أبدا، وعادت بقوة". "يصدرون المنع إلى الخارج، من خلال منع ندوة حقوقية بباريس. لو كانت حرية الصحافة بالمغرب لما نظمت الندوة أصلا بالخارج..سنقف إلى جانب إخواننا في زاكورة والأطلس والريف وجرادة إلى حين إطلاق سراح آخر معتقل سياسي. نحن لسنا بعبيد للمخزن، إننا مواطنون"، يورد الفنان الكوميدي.